للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عذراً يا أختي، لكن كيف دخلت في شبكة العشق والهيام؟ ، حتى صرت تردّين عنك الخُطّاب وتعزفين عن الزواج! .

لقد فهمت أنك كلمتيه وكلمك، وأخبرتيه بحبك له وأخبرك بحبه لك!، وأنك جعلت تلاحقين المسكين وتتقربين منه حتى أوقعته في شباكك!!، وأن الكلام بينكما اتسع حتى ناصحك بقراءة القرآن.. ثم جئت بعد هذا كله تستنجدين بمن يخلصك من لواعج الحب!!.

ألا توافقينني أنك لم تقفي عند حد الحب والتفكير، بل تعديت إلى العمل والمكالمة والمواعدة، بل ومحاولة التقرب من المعشوق، والتمادي في ذلك حتى وقع معك في الشبكة وهو لا يريد ذلك. اعذريني يا أختي، فإني وإن قلت في مطلع كلامي إن الحب لا سلطان عليه، وإن بعضه مقبول، لكني لا يمكن أن أقول إن التمادي فيه والسعي للإيقاع بالمعشوق، والتخبيب على زوجته مقبول مباح!.

لقد كان سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- يحب عائشة الصديقة - رضي الله عنها - أكثر من بقية زوجاته، وكان يصرح بهذا فيما رواه البخاري (٤٣٥٨) ومسلم (٢٣٨٤) من حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه- ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يتجاوز حب القلب إلى سلوكيات مرفوضة، من الجور بين الزوجات أو تفضيل عائشة - رضي الله عنها - على غيرها من أمهات المؤمنين.

وهذا هو شعارنا ومذهبنا في "العشق العذري"، من وقع فيه كان الله في عونه، لكن لا يحل له أن يتعدى إلى سلوكيات غير مقبولة. واعذريني إن قلت لك يا أخية إن هذا قد وقع منك.

فالمكالمة والحديث..

والمواعدة..

والتقرب والتودد..

كله سلوكيات تكتب على صاحبها، وهي مما يملك السيطرة عليه.

اسألي نفسك: من يقود الآخر..

هل أنت التي تقودين عاطفتك، أم تركتي لعاطفتك الزمام؟ .

٣) من أي قوافل العشاق أنتِ؟

يا أختي الكريمة! لست العاشقة الأولى ولن تكوني الأخيرة، وقافلة العاشقين طويلة وما أنت إلا واحدة في هذه القافلة. وهي في الحقيقة ليست قافلة واحدة بل قوافل:

- فقافلة جسدية خسيسة.

- وقافلة عذرية عفيفة.

ولم تذكري لنا من أي القافلتين أنتما؟ وعذراً للسؤال!، لكني أذكر هنا إن كثيراً ممن يدّعون العشق في زماننا غير صادقين، فعشقهم عشق أجساد ورسوم وصور، وليس عشق أرواح وقلوبٌ. ولهذا يكثر من عشاق زماننا اللقاءات والمواعدات واللمس والجس وما هو أكثر من ذلك وأشنع من الفسق والفجور. وربنا سبحانه رب الليل والنجوم والظلمة هو وحده العليم بما يدور بين العشاق في مخبوء الأستار، وظلمات الليالي!!.

والحب العذري النظيف، لا يكدره شيء من أوساخ الحب المعاصر، من لقاء أو مواعدة أو مهاتفة أو مراسلة مريبة، وإنما هي مشاعر في القلب جيّاشة، يحبسها الحياء أن تظهر، ويمنعها العفاف والدين أن تدنس بلقاء أو كلام. وانظري الجواب الكافي، ص (٢٥٠-٢٥٣) .

إن العاطفة كالبئر إذا استنزفتِ ماءها؛ ثم جعلتِ تصبينها هنا وهناك لم تفلحي بشيء، وإذا استخرجتيها بقدر، وسقيت منها بستانك الذي تعرفينه، وتعرفين شجره، أثمر شجرك وأورق. وإنما بستانك أهلك وزوجك وأسرتك.

ألا توافقينني أن ما تصنعه بعض الفتيات ليس إلا "إهدار عاطفي"، حيث تهدر عواطفها وتنفقها في غير طائل. وهو "تهييج عاطفي" دون تنفيس صحيح، يضر بالفتاة ومشاعرها أيما ضرر.

ثانياً: الحلول الممكنة..

<<  <  ج: ص:  >  >>