للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إننا أيتها الأخت نهنئك على هذا الشعور، ونذكرك أن هذه المشاعر هي من العمل الصالح المبرور، الذي يثيب الله - عز وجل- من كان صادقاً في تشوفه له؛ كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه" أخرجه مسلم (١٩٠٩) .

ثانياً: نذكرك أيتها الأخت الكريمة أن الأدوار في هذه الأمة موزعة، وبناء الأمة بناء متكامل، يتولى فيه الرجال ما يناسبهم، ويليق بهم، وتتولى فيه النساء ما يناسبهن، ويليق بهن، والله - عز وجل- لا يضيع عمل عامل من ذكر أو أنثى، كما قال - جل وعلا-: "فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ" [آل عمران: من الآية١٩٥] .

ولذلك كانت المرأة شريكة في جميع الإنجازات التي حققتها الأمة من خلال قيامها بدورها المنوط بها فهي التي أعدت الرجال الذين خاضوا المعارك، وهي التي أعدت الرجال الذين كان لهم رسوخ في العلم، وهي التي أعدت للأمة الرجال الذين أحدثوا تجديداً في منعطفات الأمة التاريخية.

كما أن المرأة كانت مأوى للرجال العاملين، والمجاهدين في سبيل الله -عز وجل-؛ ولذلك فلا يصحُّ أن تختصر صورة جهاد المرأة بأن تشارك في العمليات العسكرية، فإن جهادها في القيام بدور آخر يتناسب مع طبيعتها وما هيأها الله له، وقد أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك عندما سألته عائشة -رضي الله عنها-: هل على النساء من جهاد؟ قال: "نعم، عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة" أخرجه ابن ماجة (٢٩٠١) ، وأصله في البخاري (٢٨٧٥) ، فقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "عليهن جهاد لا قتال فيه"، يبيِّن أن جهاد المرأة جهاد لا قتال فيه، منه الحج والعمرة، وليس فقط محصوراً في الحج والعمرة، ولكن منه الحج والعمرة، ومنه تربية الأبناء، ومنه القيام بحقوق الزوج، ومنه حماية الأمة في جبهتها الداخلية، فإن المرأة تتصدى لحماية هذه الجبهة، وإلا فإن حصوننا مهددة من داخلها ما لم توجد حراسة ساهرة على المجتمعات الإسلامية لحمايتها من الداخل، والمرأة قديرة على ذلك، ولذا فلا بد أن تتصدى لهذا الأمر.

أيتها الأخت المباركة: أذكرك بقول الله - عز وجل-: "وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً" [النساء:٣٢] ، وقد ذكر الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية أخباراً في سبب نزول هذه الآية، مجملها أن بعض النساء سألن فقلن: ليتنا مثل الرجال فنجاهد كما يجاهدون، ونغزو في سبيل الله كما يغزون، فأنزل الله هذه الآية، إن هذه الآية تبين أن للنساء نصيباً مما اكتسبن، وأن على الجميع رجالاً، ونساء أن يسألوا الله من فضله، فعلى المرأة أن تكتسب من نصيبها الذي يناسبها، وتسأل الله -عز وجل- من فضله، والله - جل وعلا- لا يضيع عمل عامل من ذكر أو أنثى.

<<  <  ج: ص:  >  >>