للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سابعاّ: من أين أتيت بأن الكهرباء أقوى في العذاب من النار، يا بني إن في الدنيا من عذاب النار ما لا يمكن تصوره، عذاباً بعضه أشد من بعض، ففي الدنيا التي نارها جزء من تسعة وستين جزءاً من نار جهنم مصاهر الحديد ومصاهر الصخور التي تصل درجة حرارتها إلى آلاف الدرجات المئوية فإذا كانت نار الدنيا فيها هذا القدر الشديد من الحرارة فما بالك بنار الآخرة، علماً بأن نار الآخرة ليس عذابها فقط في حرارتها ولكن في بقاء المعذبين في هذه الحرارة المحرقة بحيث يتعذبون بسعير جهنم من غير أن ينتج عن هذا السعير هلاك لهم، كما قال الله ـ عز وجل ـ: "لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها" [فاطر:٣٦] . فنار الدنيا مهما كانت شدة العذاب فيها فإنه ينتهي سريعاً إلى الهلاك، أما نار جهنم -نسأل الله أن يجيرنا منها- فهي على هذه الدرجة من الحرارة ومع ذلك فإن حالهم كما أخبر الله: "كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب" [النساء:٥٦] ، وقال تعالى: "وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ" [فاطر:٣٧] وهذه كيفية من العذاب غاية في الشدة والهول نسأل الله العافية.

<<  <  ج: ص:  >  >>