قال ابن حجر:(ومعجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة وخرقه للعادة في أسلوبه وفي بلاغته وإخباره بالمغيبات، فلا يمر عصر من العصور إلا ويظهر فيه شيء مما أخبر به أنه سيكون يدل على صحة دعواه.
وقال الرافعي: (والكلام في وجوه إعجاز القرآن واجب شرعاً، وهو من فروض الكفاية، وقد تكلم فيه المفسرون والمتكلمون، فإن كان ذلك قد وفى بحاجة (تلك) الأزمنة فهو لا يفي بحاجة هذا الزمان؛ إذ هي داعية إلى قول أجمع وبيان أوسع وبرهان أنصع، في أسلوب أجذب للقلب وأخلب للب وأصغى للأسماع وأدنى إلى الإقناع.
وقال محمد رشيد رضا: (ومن دلائل إعجاز القرآن أنه يبين الحقائق التي لم يكن يعرفها أحد من المخاطبين بها في زمن تنزيله بعبارة لا يتحيرون في فهمها والاستفادة منها مجملة، وإن كان فهم ما وراءها من التفصيل الذي يعلمه ولا يعلمونه يتوقف على ترقي البشر في العلوم والفنون الخاصة بذلك.
وقال جوهري: (أما قولك كيف عميت هذه الحقائق على كثير من أسلافنا؟ , فاعلم أن الله هو الذي قال:"سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ" وقال: "وَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا".
إن الله لا يخلق الأمور إلا في أوقاتها المناسبة، وهذا الزمان هو أنسب الأزمنة.
والمدار على الفهم والفهم في كل زمان بحسبه، وهذا زمان انكشاف بعض الحقائق.
وفي قوله تعالى:"سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ"[الأنبياء: ٣٧] قال ابن عاشور: (وعد بأنهم سيرون آيات الله في نصر الدين, وهي كما قال الرازي: أدلة التوحيد وصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم- ولذلك قال سبحانه "فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ". أي أنها ستأتي لا محالة في وقتها, واستعجال المنكرين يعني كما قال الجوهري: استبعاد ماجاء في هذه الآيات من الأمور العلمية التي أوضحها علماء العصر الحاضر، فهم يستبعدونها طبعاً؛ لأنهم لا يعقلونها، فقال الله -تعالى- لا تستبعدوا أيها الناس "سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ" فإذا لم تفهمها أمم سابقة فسيعرفها من بعدهم، فقد ادخرنا هذه الأمور لأمم ستأتي لتكون لهم آية علمية على صدقك فتكون الآيات دائما متجددة) .