الحب شعور قد يكون جبرياً قسرياً قهرياً في أحيان ليست قليلة، ومشاعر الفتاة رقيقة ناعمة سريعة التأثر، والمرأة حين تحب رجلاً فإنها تنطلق من عاطفتها وليس من عقلها في الغالب، بعكس الشاب الذي تكون عواطفه عقلانية فلسفية في الغالب، وهذا من الفروق المشاهدة بين الذكر والأنثى.
وحين تقولين: "صدقوني أحببته حبا شديداً" فنحن نصدقك، ولا نجرؤ أن نقول إن حبك غير صادق، وإنما نسأل عن الحب نفسه هل هو حب صادق أم لا؟
هل هو حب نفس لنفس وروح لروح؟ أو هو حب صور وأشكال وأصوات وجسوم؟ هل هو محبة عرضية أو ذاتية؟ ، وهل هو استحسان روحي وامتزاج نفسي، أم هو استحسان مادي جسدي؟
إن إجابتك على هذه الأسئلة بنفسك سيعينك كثيراً -بإذن الله تعالى- على اتخاذ القرار المناسب.
(٤) "وهم العشق المتبادل"
لا تتصوري يا أختي أنك العاشقة الوحيدة "عن بعد! "، عذراً فهذا المصطلح "العشق عن بعد" اخترعته بعدما رأيت كثرة الحالات الواقعة فيه، وقد لخصه لنا أحد الكتاب المعروفين في بلادنا، وحكى قصة حب عنيفة وقعت له، وهي قصة رمزية لها دلالة مهمة أنا متأكد أنك ستفهمينها بسرعة.
يقول الكاتب إنه كان في طريقه من بيتهم إلى المدرسة (قبل أكثر من ٤٠ سنة) يمر على بيت لأحد جيرانهم، وكان كلما مر رأى من خلف الباب فتاة متلفعة بعباءتها السوداء تطل عليه من فتحة الباب، فطار قلبه بها، وعشقها عشقاً عظيماً، مع أنه لم يرها ولم يدر من هي، غير أنه يعرف أن لجارهم هذا بنتاً في سنه.
وصار كلما مر على بيت جارهم خرجت له هذه الفتاة المتلفعة، ولم تكن تخرج بكاملها إنما كان لا يبدو منها إلا طرف العباءة، واشتعل العشق في قلب صاحبنا، وصار ينسج الأحلام الوردية والآمال الزوجية على هذه الفتاة التي بلغ اليقين عنده أنها تحبه وتتعمد الخروج له كلما مر من باب بيتهم.
حتى كان ذلك اليوم المشهود، وقرر صاحبنا الانتظار أكثر؛ عله يظفر بكلمة أو رسالة من المعشوقة المحبوبة، وفعلاً أطال المكث عند الباب، حتى انفتح أكثر وبانت له معشوقته كأحسن ما أنت راء من "شاة" سوداء أنيقة بديعة! ، مربوطة بحبل قصير لا يوصلها إلا إلى طرف الباب!.
هذه هي القصة ودلالتها الرمزية ظاهرة، إنها تتحدث عن "وهم العشق المتبادل"، ومن العبارات الجميلة المأثورة "ليس المهم أن تُحِبَّ ولكن المهم أن تُحَبَّ "، ومن قصص الصحابة في هذا، القصة المشهورة للصحابية الجليلة "بريرة"، فقد كان زوجها يحبها غاية الحب، بل كان يهيم بها هياماً لم يقدر أن يخفيه عن الناس، حتى عجب النبي -صلى الله عليه وسلم- نفسه من هذا، كيف يحبها هذا الحب وهي تبغضه هذا البغض.
(٥) تأثير الكلمات المسيطرة..
لقد قلت -يا أختي- في رسالتك الرقيقة: إن قلبك "ملك للأول"! وهذه كلمة في غاية العجب!، كيف بعت قلبك له، وهل اشتراه منك، البيع لابد فيه من قبول وإيجاب، ثم هل تباع القلوب؟.
كلمتك هذه "قلبي ملك للأول" نسميها نحن "كلمات مسيطرة"، وهي كلمات تشير إلى قناعات نفسية لدينا، اقتنعنا بها دون محاكمة لها.