فقد شاء الله عز وجل أن يدون عن الإمام أحمد كثير من المسائل عن طريق جم غفير من تلاميذه، مع كراهته لكتابة المسائل عنه وعن غيره وما ذلك إلا دليل صدقه وورعه فدوَّن كثير من أصحابه عنه مسائل جاءت متفاوتة فيما بينها في القلة والكثرة، والترتيب والتبويب، وحسن الإيراد والمناقشة.
ومن بين هذه المسائل "مسائل إسحاق بن منصور الكوسج (ت٢٥١?) " وهي وإن كانت في أصلها أسئلة موجهة للإمام أحمد رحمه الله إلا أن ابن منصور وجه الأسئلة ذاتها ـ غالباً ـ إلى الإمام إسحاق بن راهويه، وقدّم لكثير منها بقول سفيان الثّوري في المسألة، فحفظ لنا بذلك مسائل جمة عن هؤلاء الأئمة أضافت إلى مكتبة الفقه الإسلامي ثروة فقهية تهم المسلمين في جميع شؤونهم.
وتعد مسائل ابن منصور هذه ومثيلاتها من المسائل الأخرى المروية عن الإمام أحمد من خير ما يبرز بوضوح معالم فقه أهل السنة والجماعة المبني على الدليل واقتفاء الأثر ومنابذة التقليد واجتناب الشذوذ كيف لا وهو -أي الإمام أحمد- القائل: "إن استطعت أن لا تحك رأسك إلاّ بأثر