وفي المقنع ٢/١٥٢ قال: لا يجوز أن يبيع نساء ولا بغير نقد البلد. وفي الشرح الكبير مع المغني ٣/١٢١ قال: وإن أطلق له الإذن في البيع: لم يبع إلا حالاً بنقد البلد، لأن الأصل في البيع الحلول، وإطلاق النقد ينصرف إلى نقد البلد. ثم بين الفرق بين هذا النوع من البيوع، وبين بيع المضارب، فذكر وجهين: أحدهما: أن المقصود من المضاربة الربح لا دفع الحاجة بالثمن في الحال، وقد يكون المقصود في الوكالة دفع حاجة بأجرة تفوت بتأخير الثمن. الثاني: أن استيفاء الثمن في المضاربة على المضارب، فيعود ضرر التأخير في التقاضي عليه – وههنا بخلافه – فلا يرضى به الموكل، ولأن الضرر في توِي الثمن على المضارب، لأنه يحسب من الربح. قال في الإنصاف ٥/٣٧٨: هذا هو المذهب نص عليه. انتهى. أما الرواية بجواز البيع قياساً على المضاربة، فهو اختيار أبي الخطاب، قال المرداوي: فالحاصل أن الصحيح من المذهب في الوكالة: عدم الجواز، وفي المضاربة: الجواز. ومثل ما جاء في المقنع جاء في المبدع ٤/٣٦٨، وشرح المنتهى ٢/٣٠٥، وكشاف ٣/٤٦٣. قلت: والذي يظهر لي أن الحكم على إمضاء البيع نسيئة أورده: يتوقف على قرائن الأحوال للآمر، فإن علم الوكيل عدم حاجة موكله لقيمة الثوب مثلاً، وإنما أراد بيعه فقط، وقد أنابه عنه وفوض إليه الأمر بالبيع دون قيد. ثم رأى مصلحة راجحة في بيع النسيئة: فالبيع جائز، لأنه لم يخرج في تصرفه عن صور البيع المأمور به، وقد تحرى نفع موكله وهو مؤتمن. أما إذا كان الذي دفع إليه الثوب سمساراً فالراجح عدم قبول تصرفه ما لم يتفق مع مراد صاحب الثوب، لأن السماسرة ينشدون الأجر وهو متحقق لهم في إمضاء البيع على أي وجه، فهو بذلك يحرص عليه لمصلحته.