وقال في الروايتين والوجهين ٣٦٧، ٢٨١: نقل ابن منصور والأثرم: أنه يرجع، وهو اختيار الخرقي، ونقل محمد بن عبيد الله بن المُنَادِي، وإسحاق بن إبراهيم: لا يرجع. وفي الإشراف لابن المنذر ١٦٢، ١٦٣، ذكر الإجماع على رجوعه إذا ضمن بأمره، والخلاف فيما لو ضمن دون أمره، فقال عبيد الله بن الحسن، وأحمد، وإسحاق: يرجع به عليه، وشبه أحمد ذلك بالأسير، وبه قال إسحاق. قال ابن المنذر: لم يقل كل الناس أنه يرجع على الأسير بما فداه به. ومنهم سفيان الثوري، والشافعي، لأنه متطوع فيما فعل، ولو كانوا قد أجمعوا في الأسير لم يجز أن نجعل إحدى المسألتين قياسا على الأخرى، لأن إنقاذ الأسارى واجب على المسلمين، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمر به، وقضاء ديون الناس ليس بواجب على أحد. قلت: والذي أميل إليه: هو رجوع الضامن على المضمون عنه، وكذلك الأسير مالم ينو الضامن التبرع أصلاً، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حثَّ على فك العاني ولكنه لم يجعل فداءه حقاً في مال المسلم، نعم هو حق في بيت مال المسلمين، وهذا هو الذي تؤكده النصوص الواردة في ذلك. قال في المقنع ٢/١١٥: وإن قضى الضامن الدين متبرعاً لم يرجع بشيء وإن نوى الرجوع، وكان الضمان والقضاء بغير إذن المضمون عنه فهل يرجع به؟ على روايتين، وإن أذن في أحدهما: فله الرجوع بأقل الأمرين: مما قضى، أو قدر الدين. وفي الإنصاف ٥/٢٠٤، ٢٠٥: إن قضى الضامن الدين فلا يخلو: إما أن يقضيه متبرعاً أولا، فإن قضاه متبرعاً: لم يرجع بلا نزاع، لأنها هدية تحتاج قبولا، وقبضاً، ورضىً، وإن قضاه غير متبرع: فلا يخلو إما أن ينوي الرجوع، أو يَذْهَلَ عن ذلك، فإن نوى الرجوع: ففيه أربع مسائل: إحداها: أن يضمن بإذنه، ويقضي بإذنه، فيرجع، بلا نزاع. الثانية: أن يضمن بإذنه، ويقضي بغير إذنه، فيرجع أيضاً، بلا نزاع. الثالثة: أن يضمن بغير إذنه، ويقضي بإذنه، فيرجع على الصحيح من المذهب. الرابعة: أن يضمن بغير إذنه، ويقضي بغير إذنه، فهذه فيها الروايتان: إحداهما: يرجع، وهو المذهب بلا ريب. نص عليه. والثانية: لا يرجع، اختارها ابن الجوزي، وإن قضاه ولم ينو الرجوع ولا التبرع، بل ذهل عن قصد الرجوع وعدمه، فالمذهب أنه لا يرجع. وقيل: يرجع وهو ظاهر ما نقله ابن منصور، وهو قول الخرقي. وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال: من كفل عن رجل بكفالة، ولم يأمره فأداها عنه: فليس للمكفول عنه شيء، إنما هي حمالة تحملها عنه. انظر: المصنف كتاب البيوع والأقضية: باب في الرجل يكفل الرجل ولم يأمره ٧/٢٠٣.