جاء الأئمة المشهورون أصحاب المذاهب السائدة وغيرهم، فلم يألوا جهداً في خدمة الفقه تعليماً وتأليفاً وجمعاً فأسسوا، ووضعوا قواعد وأصولاً لاستنباط الأحكام والفروع منها، ودونوا في ذلك كتباً، ودواوين، وأدلى فيه كل فقيه بدلوه، وكل مجتهد بنصيبه، وكل عالم بجل اهتمامه، وتركوا لنا آثاراً طيبة، وصارت ثروة الفقه الإسلامي أعظم وأضخم ثروة، وأكبر تراث بعد الحديث، ولكن للأسف لم يزل كثير من هذه الثروة العلمية إما مفقودة، أو مخطوطة ورهينة مكتبات لم تر النور بعد، أو حبيسة خزانات لا يمكن الوصول إليها والانتفاع منها إلا بشق الأنفس، ولأهمية الفقه الإسلامي، وعناية الأمة وعلمائها به -كما أشرت- كان الشوق يجرّني، والرغبة تدفعني للإسهام بجهد المقل في إظهار جزء صغير من آثار أولئك الأئمة من قفص المخطوطات إلى حيز المطبوعات فالتحقت بشعبة الفقه من قسم الدراسات العليا وكنت أتمنى أن أحظى بخدمة كتاب أو أثر لإمام مشهور من علماء السلف لعلى أنال ما بشر به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من الخير أو أسير في الطريق الذي ساروا فيه.
وقد حقق الله سبحانه وتعالى رغبتي هذه فاخترت جزءاً من كتاب اجتمع فيه من العلم والدقة والفقه ما يحتاج إليه العلماء المبرزون بل طلبة العلم الصغار من أمثالي ألفه الحافظ الثقة إسحاق بن منصور المروزي المعتمد عليه في الصحيحين استقاه من أمامي أهل السنة وفقيهي أهل