وكلام الإمام أحمد هنا يدل على أن النفقة والسكنى واجبتان، إلا أن السكنى أوجب, وفي المسألة عنه ثلاث روايات: إحداها: هذه. وهو قول الثوري. الثانية: أن لا سكنى لها، ولا نفقة. وهي ظاهر المذهب وقول الإمام إسحاق. الثالثة: أن لها السكنى دون النفقة. ومن أدلة ما عليه المذهب حديث فاطمة بنت قيس المتفق عليه: أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب, فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته. فقال: والله ما لك علينا من شيء. فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال لها: "ليس لك عليه نفقة ولا سكنى" , فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك. ثم قال: "إن تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي في بيت ابن أم مكتوم". أخرجه البخاري مختصراً: ٦/١٨٣, وأخرجه مسلم بهذا اللفظ، حديث رقم: ١٤٨٠. قال ابن القيم فيمن قال بعدم السكنى والنفقة لها قال: "وهو مذهب صاحبة القصة فاطمة بنت قيس, وكانت تناظر عليه. ومن أدلة ما أجاب به الإمام هنا ظاهر الآية السابقة وقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه إشارة إلى الآية، وحديث فاطمة بنت قيس", قال: ما كنا لندع كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم لقول امرأة لا ندري أحفظت ذلك أو لا. أخرجه أبو داود في سننه: ٢/٧١٨. ولكن في ثبوته عن عمر نظر, فقد أنكره الإمام أحمد, ففي مسائل الإمام أحمد برواية داود ص١٨٤: قلت: يصح هذا من عمر رضي الله عنه؟ قال: لا. وقال ابن قدامة بعد ذكر إنكار أحمد لذلك: وهذا مجمع على خلافه، وقد أخذنا بخبر فريعة وهي امرأة، وبرواية عائشة وأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحكام. وصار أهل العلم إلى خبر فاطمة هذا في كثير من الأحكام. راجع: المغني: ٧/٥٢٩, المقنع بحاشيته: ٣/٢٩٢, والاستذكار ٤، لوحة رقم: ٢٠٦, فقد نقل قول الإمامين أحمد وإسحاق, المحرر: ٢/١١٦.