والسبب من إكثار عرض أقوال الثوري على الإمامين، أن الثوري كان من العلماء الذين جمع لهم الفقه، والحديث فكان من فقهاء المحدثين الذين اعتنى العلماء بجمع أقوالهم، وتدوينها، فنرى أن عبد الرزاق الصنعاني قد ضمن كتابه كثيراً من آرائه، وفتاويه الفقهية، وكذلك فعل ابن أبي شيبة في مصنفه، إلا أنه لم يكثر كما فعل عبد الرزاق، وصدر ابن نصر المروزي كتابه، وبداية كل مسألة فيه بآرائه، وأقواله كما اهتم بنقل أقواله ابن المنذر في كتابيه الأوسط والإشراف.
فكان للثوري مكانته العلمية المرموقة في ذلك الزمن، وكان يرأس مدرسة فقهاء أهل الحديث في زمانه، ولذا أكثر ابن منصور من عرض أقواله على الإمامين ليرى رأيهما فيه من حيث الموافقة والمخالفة.
٥- وكان يعرض السؤال، وجواب الإمام أحمد وغيره من الأئمة على الإمام إسحاق بن راهويه.
والذي يظهر من أسلوب ابن منصور في الكتاب أنه كان قد سأل هذه المسائل الإمام أحمد، ودوّن إجاباته ثم ذهب إلى الإمام إسحاق، وعرض عليه تلك المسائل فما وافق فيه إسحاق أحمد كتب تحت المسألة "قال إسحاق كما قال" وإذا خالف إسحاق أحمد بين رأيه.
فلذا نراه يقدم أحمد ويذكر قوله بالتفصيل، بخلاف جواب إسحاق إذا كان موافقاً، وفعل ذلك ابن منصور ليعرف مذهبهما في المسألة وليثبت وجه الاتفاق، والاختلاف بينهما، باعتبارهما إمامي أهل السنة