للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوم مائة ركعة إلى أن مات، لا يتركها إلا لعلة، ويتصدق من صلب ماله هذا مع إجلاله للعلم وأهله، وتعظيمه لحرمات الإسلام، وبغض المراء في الدين، والكلام في معارضة النص، وبلغه عن بشر المريسي القول بخلق القرآن فقال: لئن ظفرت به لأضربن عنقه، وكان يبكي على نفسه، وعلى إسرافه، وذنوبه، سيما إذا وعظ.

دخل عليه مرة ابن السماك الواعظ فبالغ في احترامه فقال له ابن السماك: تواضعك في شرفك أشرف من شرفك، ثم وعظه فأبكاه.١

وكان العلماء يقومون بواجبهم من النصح للخلفاء، وتحذيرهم من مغبة التهاون بمسؤولياتهم، وتذكيرهم بالأمانة التي أنيطت بعواتقهم لما لقي الرشيد الفضيل قال له: يا حسن الوجه أنت المسؤول عن هذه الأمة يوم القيامة، حدثنا ليث عن مجاهد {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} ، قال: الوصلة التي كانت بينهم في الدنيا،٢ فجعل هارون يبكي ويشهق ولما بلغه موت ابن المبارك جلس للعزاء، وأمر أعيان دولته أن يعزوه وله أخبار - إن صحت - في اللهو واللذات المحظورة والغناء سامحه الله.٣


١ تاريخ الطبري ٨/٣٤٧-٣٥٧، وتاريخ الخلفاء ٢٨٥- ومحاضرات الأمم الإسلامية الدولة العباسية ص ١٣٥.
٢ ذكره السيوطي في الدر المنثور ١/٤٠٢، وراجع مروج الذهب ٣/٣٦٥.
٣ تاريخ الخلفاء ٢٨٥-٢٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>