وقال صاحب المصباح المنير: وكانت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم تلقب العضباء لنجابتها لا لشق أذنها. القاموس المحيط ١/١٠٥، ومختار الصحاح: ٤٣٨، والمصباح المنير ٢/٤١٤. ٢ والحديث أخرجه الإمام مسلم بإسناده عن عمران بن حصين قال: "كانت ثقيف حلفاء لبني عقيل، فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من بني عقيل، وأصابوا معه العضباء، فأتى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الوثاق، قال: يا محمد، فأتاه، فقال: ما شأنك؟ فقال: بم أخذتني؟ وبم أخذت سابقة الحاج؟ فقال (إعظاماً لذلك) "أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف". ثم انصرف عنه، فناداه. فقال: يا محمد يا محمد. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيماً رقيقاً فرجع إليه فقال: "ما شأنك؟ " قال: إني مسلم، قال: "لو قلتها وأنت تملك أمرك، أفلحت كل الفلاح" ثم انصرف، فناداه. فقال: يا محمد يا محمد. فأتاه فقال: "ماشأنك؟ " قال: إني جائع فأطعمني، وظمآن فأسقني. قال: "هذه هذه حاجتك"، ففدى بالرجلين". قال: وأسرت امرأة من الأنصار. وأصيبت العضباء، فكانت المرأة في الوثاق وكان القوم يريحون نعمهم بين يدي بيوتهم، فانفلتت ذات ليلة من الوثاق فأتت الإبل، فجعلت إذا دنت من البعير رغا فتتركه، حتى تنتهي إلى العضباء، فلم ترغ، قال: وناقة منوقة، فقعدت في عجزها ثم زجرتها فانطلقت، ونذروا بها فطلبوها، فأعجزتهم، قال: ونذرت لله، إن نجاها الله عليها لتنحرنها، فلما قدمت المدينة رآها الناس فقالوا: العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إنها نذرت إن نجاها الله عليها لتنحرنها، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له. فقال: "سبحان الله بئسما جزتها، نذرت لله إن نجاها الله عليها لتنحرنها؟ لا وفاء لنذر في معصية، ولا فيما لا يملك العبد". [] أخرجه الإمام مسلم في صحيحه٣/١٢٦٢-١٢٦٣ كتاب النذر، باب لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك العبد برقم١٦٤١. ووجه الحجة في الحديث: أنه لو ملكها المشركون ما أخذها رسول الله وأبطل نذرها، فدل هذا على أن المشركين لا يملكون شيئاً من أموال المسلمين بالغلبة والاستيلاء عليها. قال الإمام الشافعي رحمه الله: هذا الحديث يدل على أن العدو قد أحرز ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الأنصارية انفلتت من أسراهم عليها بعد إحرازهموها، ورأت أنها لها، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنها قد نذرت فيما لا تملك ولا نذر لها، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته. ولو كان المشركون يملكون على المسلمين لم يعد أخذ الأنصارية الناقة بأن تكون ملكتها بأنها أخذتها ... فلما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته، دل هذا على أن المشركين لا يملكون شيئاً على المسلمين. الأم٤/٢٥٤، والتحقيق على مسائل التعليق٣/١٥٠. ومما يدل على ما استنبط من هذا الحديث ما أخرجه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "ذهب فرس له فأخذه العدو، فظهر عليه المسلمون، فرد عليه في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبق عبد له فلحق بالروم، فظهر عليهم المسلمون، فرده عليه خالد بن الوليد بعد النبيصلى الله عليه وسلم ". أخرج الإمام البخاري في صحيحه برقم٣٠٦٧، فتح الباري٦/١٨٢ كتاب الجهاد، باب إذا غنم المشركون مال المسلم، ثم وجده المسلم، من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه.