للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عوف١.٢


١ هو عوف بن مالك بن أبي عوف الأشجعي، اختلف في كنيته فقيل أبو عبد الرحمن، ويقال أبو حماد، وأول مشاهده خيبر وكانت معه راية أشجع يوم الفتح، وسكن الشام. وكان من الصحابة الشجعان الرؤساء، مات سنة ثلاث وسبعين.
أسد الغابة ٤/١٥٦، والاستيعاب هامش الإصابة ٣/١٣١، وتقريب التهذيب ٢٦٧، والأعلام ٥/٩٦.
٢ عن عوف بن مالك قال: قتل رجل من حمير رجلاً من العدو، فأراد سلبه، فمنعه خالد بن الوليد، وكان والياً عليهم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عوف بن مالك فأخبره، فقال لخالد: "ما منعك أن تعطيه سلبه؟ " قال: استكثرته يا رسول الله. قال: "ادفعه إليه" فمر خالد بعوف فجر بردائه، ثم قال: هل أنجزت لك ما ذكرت لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستغضب فقال: "لا تعطه يا خالد، لا تعطه يا خالد، هل أنتم تاركون لي أمرائي؟ إنما مثلكم ومثلهم كمثل رجل استرعى إبلاً، أو غنماً فرعاها، ثم تحين سقيها فأوردها حوضاً، فشرعت فيه، فشربت صفوه، وتركت كدره فصفوه لكم، وكدره عليهم". الحديث
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه ٣/١٣٧٣ كتاب الجهاد والسير، باب استحاق القاتل السلب برقم ١٧٥٣، من طريق عبد الرحمن بن جبير عن عبد الله بن عوف.
والذي يظهر لي- في هذه المسألة - أن السلب يعطى للسالب ولا يخمس لما يأتي:
أولاً: لأن الأحاديث التي استدل بها الإمام إسحاق رحمه الله ومن وافقه ليست نصاً في الموضوع، بل فيها دليل على أن القاتل يستحق السلب، وإن كان كثيراً، وأنه لا يخمس.
ثانياً: ولأن أمير المؤمنين أخبر في حديث أنس بن مالك رضي الله عنهم بأنهم كانوا لا يخمسون السلب.
ثالثاً: لعل فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان عن طيب نفس من البراء، لا أن عمر رضي الله عنه تعمد خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا حجة في قول أحد مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل اتباعه هو الواجب.
رابعاً: ولأن حديث عوف بن مالك الأشجعي نص في المسألة.
خامساً: أما رد النبي صلى الله عليه وسلم السلب إلى خالد رضي الله عنه بعد الأمر بإعطائه القاتل، فهو من النكير على عوف رضي الله عنه ردعاً له وزجراً، لئلا يتجرأ الناس على الأئمة.
أو أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطاه بعد ذلك القاتل، وإنما أخره تعزيراً له ولعوف بن مالك لكونهما أطلقا ألسنتهما في خالد رضي الله عنه.
أو أنه أخذه صلى الله عليه وسلم عن طيب نفس من القاتل وجبرا لقلب خالد، لمصلحة في إكرام الأمراء.
فتبين من الأدلة المذكورة آنفاً أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وصدراً من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما لم يخمسوا سلباً، واتباع ذلك أولى لما تقدم.
[] راجع معالم السنن ٤/٤٥، وشرح السنة ١١/١١٠، وشرح صحيح مسلم للنووي ١٢/٦٤، والمحلى ٧/٣٣٦-٣٣٨، والمغني ٨/٣٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>