للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحنتم ١ والنقير ٢ والدباء؟ ٣

قال: الذي ينهى عنها ٤ الدباء [ظ-٩١/ب] والحنتم والنقير، وأحب إلي أن تنقى الأوعية كلها. ٥


١ الحنتم: جرار مدهونة خضر، كانت تحمل الخمر فيها إلى المدينة ثم اتسع فيها، فقيل للخزف كله حنتم، واحدتها حنتمة. النهاية: ١/٤٤٨.
٢ والنقير: أصل خشبة، ينقر وسطه، ثم ينبذ فيه الثمر، ويلقى عليه الماء ليصير نبيذا مسكرا، والنهى واقع على ما يعمل فيه لا على اتخاذ النقير، فيكون على حذف المضاف تقديره عن نبيذ النقير وهو فعيل بمعنى مفعول.
النهاية: ٥/١٠٤، وراجع: الإشراف: ٢٠٦.
٣ الدباء: بضم الدال المهملة وتشديد الباء والمد: هو القرع اليابس وهو من الآنية التي يسرع الشراب في الشدة إذا وضع فيها.
تاج العروس: ١/٢١٤، والنهاية: ٢/٩٦، والإشراف لوحة: (٢٠٦) .
وخصت هذه الظروف بالنهي عنها، لأنه يسرع إليه الإسكار فيها فيصير حراماً، وتبطل ماليته، فنهي عنه لما فيه من إتلاف المال، ولأنه ربما شربه بعد إسكاره من لم يطلع عليه.
ولم ينهَ عن الانتباذ في أسقية الأدم، بل أذن فيها، لأنها لرقتها لا يخفى فيها المسكر، بل إذا صار مسكراً شقتها غالباً.
صحيح مسلم بشرح النووي: ١٣/١٥٩، طرح التثريب في شرح التقريب: ٨/٤٣، ومجموع الفتاوى: ٢٨/٣٣٨، وشرح السنة: ١١/٣٦٦.
٤ في العمرية بلفظ: "ينهى عنه".
٥ وقال أبو داود: قلت لأحمد نبيذ الجر؟ لا يعجبني من الأوعية إلا سقاء يوكأ. مسائل أبي داود ص ٢٥٨.
وأشار ابن قدامة إلى هذه الرواية فقال: وعن أحمد: أنه كره الانتباذ في الدباء والحنتم والنقير والمزفت. المغني: ٨/٣١٨.
وعن الإمام أحمد رحمه الله: أنه يكره. قال الخلال: عليه العمل. وذكر ابن القيم رحمه الله في الهدي رواية: أنه يحرم.
وعنه: يكره في هذه الأوعية، وفي غيرها، إلا في سقاء يوكي حيث بلغ الشراب، ولا يتركه يتنفس.
والمذهب على جواز الانتباذ في الأوعية كلها.
قال ابن قدامة: ولا يكره الانتباذ في الدباء، والحنتم، والنقير، والمزفت.
قال المرداوي: هذا المذهب بلا ريب، وعليه جماهير الأصحاب.
[] انظر: الإنصاف: ١٠/٢٣٦-٢٣٧، والمقنع: ٣/٤٧٩، ومجموع الفتاوى: ٣٤/١٩١، والفروع:٦/١٠٣، وكشاف القناع: ٦/١٢٠، ومطالب أولي النهى: ٦/٢١٦.
نقل البغوي قول الإمامين أحمد وإسحاق ضمن عرضه للمذاهب في المسألة فقال: وقد اختلفوا في الانتباذ في هذه الأوعية: فذهب قوم إلى بقاء الحظر فيها، ويروى ذلك عن ابن عمر، وابن عباس، وإليه ذهب مالك، وأحمد وإسحاق. وذهب آخرون: إلى أن التحريم كان في صدر الإسلام، ثم صار منسوخاً.
انظر: شرح السنة ١١/٣٦٧ وراجع: معالم السنن ٥/ ٢٧٣، والإشراف لابن المنذر لوحة: (٢٠٥) ، والاعتبار ص ٤٠٩، وفتح الباري ١٠/٥٨، ونيل الأوطار ٩/٧٠.
والنهي عن هذه الظروف كان في صدر الإسلام، ثم نسخ النهي بعد ذلك.
والمعنى في ذلك: أنه كان العهد في أول الإسلام قريباً بإباحة المسكر، فلمّا طال الزمان، واشتهر تحريم المسكرات، وتقرر ذلك في نفوسهم نسخ ذلك، وأبيح لهم الانتباذ في كل وعاء، بشرط ألا يشربوا مسكراً.
فقد روى عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله رضي الله عنه: "نهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء، فاشربوا في الأسقية كلها، ولا تشربوا مسكراً".
الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه ٣/١٥٨٤، كتاب الأشربة، باب النهي عن الانتباذ في المزفت والدباء، والحنتم والنقير، وبيان أنه منسوخ وأنه اليوم حلال، ما لم يصر مسكراً، برقم ٩٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>