٢ نقل ابن قدامة عن الإمام إسحاق رحمه الله روايتين: [١-] أن شهادة الوالد لولده لا تقبل، ولا الولد لوالده، ولا لوالدته. [٢-] تقبل شهادة كل واحد منهما لصاحبه فيما لا تهمة فيه، كالنكاح والطلاق والقصاص، والمال إذا كان مستغنى عنه. المغني ٩/١٩٢، والأوسط ١٠٦، وراجع: إعلام الموقعين ١/١١٤، والمحلى ٩/٤١٦، واختلاف العلماء لوحة: (١٠٤) . واستدل المانعون لشهادة الأبناء للآباء، والآباء للأبناء بما جاء عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا مجلود حداً ولا مجلودة، ولا ذي غمر لإحنة، ولا مجرب شهادة، ولا القانع أهل البيت لهم، ولا ظنين في ولاء ولا قرابة". قال الفزاري: القانع التابع. [] الحديث رواه الترمذي في سننه ٤/٥٤٥-٥٤٦، كتاب الشهادات، باب ما جاء فيمن تجوز شهادته، برقم: (٢٢٩٨) . وقالوا: إن الظنين هو المتهم، والأب يتهم لولده، لأن ماله كماله لقوة القرابة بينهما، والتي تدعو الشاهد أن يشهد خلاف الواقع. انظر: المغني (٩/١٩٢) . ويرد على هذا الدليل: أن هذا الحديث ضعيف، لا يعتمد عليه في الاستدلال. فقد ضعفه الترمذي في سننه ٤/٥٤٦، والبيهقي في السنن الكبرى ١٠/١٥٥، وقال: لا يصح في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء يعتمد عليه، والألباني في إرواء الغليل ٨/٢٩٢. والحديث محمول على ظهور التهمة، ولا قائل بقبول شهادة المتهم، سواء كان أباً أو غيره. فالتهمة وحدها مستقلة بالمنع، وهي لا تخص الأقرباء فقط، بل تعم كل من يتهم بالشهادة لهم، سواء كان الشاهد قريباً أو أجنبياً. [] انظر: أعلام الموقعين ١/١١٧، وراجع ١/١١٤-١١٥. والأصل قبول شهادة العدل مطلقاً، قريباً، أو غير قريب، لعموم قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} سورة الطلاق آية: ٢، وقوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} سورة البقرة آية: ٢٨٢، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} سورة المائدة آية: ١٠٦. فلم تفرق هذه النصوص بين عدل وآخر، من قريب، أو غيره، فالأب والابن عدلان من رجالنا، فما لم تسلب عنهم صفة