قال ابن القيم: ومن الحيل الباطلة المحرمة أن يكون له على رجل مال، وقد أفلس غريمه، وآيس من أخذه منه، وأراد أن يحسبه من الزكاة، فالحيلة أن يعطيه من الزكاة بقدر ما عليه، فيصير مالكاً للوفاء فيطالبه حينئذ بالوفاء، فإذا أوفى برئ، وسقطت الزكاة عن الدافع. ثم قال: وهذه حيلة باطلة سواء شرط عليه الوفاء أو منعه من التصرف فيما دفعه إليه، أو ملكه إياه بنية أن يستوفيه من دينه، فكل هذا لا يسقط عنه الزكاة، ولا يعد مخرجاً لها لا شرعاً، ولا عرفاً كما لو أسقط دينه وحسبه من الزكاة ... لأن الزكاة حق لله وللمستحق، فلا يجوز صرفها إلى الدافع، ويفوز بنفعها العاجل. ولأن الشارع منعه من أخذها من المستحق بعوضها، فقال: "لا تشترها ولا تعد في صدقتك " فجعله بشرائها منه بثمنها عائداً فيها، فكيف إذا دفعها إليه بنية أخذها منه؟ إعلام الموقعين ٣/٣٠٨. وما بعدها. والمقصود أنه متى فعل ذلك حيلة لم تسقط عنه الزكاة بما دفعه، فإنه لا يحل له مطالبة المعسر، وقد أسقط الله عنه المطالبة، فإذا توصل إلى وجوبها بما يدفعه إليه فقد دفع إليه شيئاً ثم أخذه، فلم يخرج منه شيئاً، فإنه لو أراد الآخذ التصرف في المأخوذ، وسد خلته منه لما مكنه، فهذا هو الذي لا تسقط عنه الزكاة. فأما لو أعطاه عطاء قطع طمعه من عوده إليه، وملكه ظاهراً وباطناً، ثم دفع إليه الآخذ دينه من الزكاة، فهذا جائز كما لو أخذ الزكاة من غيره، ثم دفعها إليه. إعلام الموقعين ٣/٣١١.