قال في رواية الميمونى: البيع بيعان: بيع صفة، وبيع شيء حاضر. فالصفة: هي السلم، وبيع حاضر: فلا يبعه حتى يراه ويعرفه، فهذا يقتضي إبطال البيع. ونقل حنبل عنه قال: كلما بيع في ظروف مغيب، لم يره الذي اشتراه: فالمشتري بالخيار إذا قبضه إن شاء رد، وإن شاء أخذ، قيل له: فيكون عيباً؟ قال: له الخيار لأنه بيع غرر، فظاهر هذا جواز البيع، وإثبات خيار الرؤية، وقد رجح المرداوي صحة الرواية الأولى. وقال ابن قدامة في المقنع ٢/١١: إذا اشترى مالم يره، ولم يوصف له، أو رآه، ولم يعلم ما هو، أو ذكر له من صفته ما لا يكفي في السلم: لم يصح البيع. وقال في الشرح الكبير ٢/٣٢٢: اختلفت الرواية عن أحمد في بيع الغائب الذي لم يوصف، ولم تتقدم رؤيته. فالمشهور عنه أنه: لا يصح بيعه، وبهذا قال الشعبي، والنخعي، والحسن، والأوزاعي وهو قول إسحاق. وفيه رواية أخرى: أنه يصح. ثم قال: ويثبت الخيار عند رؤية المبيع في الفسخ والإمضاء ويكون على الفور. وفي الإنصاف ٤/٢٩٥ قال: إذا لم يَرَ المبيع فتارة يوصف له، وتارة لا يوصف له، فإن لم يوصف له: لم يصح البيع على الصحيح من المذهب. وعنه: يصح نقلها حنبل. هذا إذا ذكر جنس المبيع، فإن لم يذكره فلا يصح رواية واحدة. وإن وصف له المبيع، فتارة يذكر له من صفته ما يكفي في السلم، وتارة يذكر ما لا يكفي في السلم، فإن ذكر له ما لا يكفي في السلم: لم يصح البيع على الصحيح من المذهب، وعنه: يصح. فعلى هذه الرواية، ورواية عدم اشتراط الرؤية: له خيار الرؤية على أصح الروايتين، وله أيضا فسخ العقد قبل الرؤية على الصحيح من المذهب. وأخرج عبد الرزاق، عن ابن سيرين قال: إذا ابتاع رجل منك شيئاً على الصفة، فلم تخالف ما وصفت له، فقد وجب عليه البيع. قال أيوب: وقال الحسن هو بالخيار إذا رآه. وقال الثوري: كل صفقة وصفت، فإن لم يكن مثلها فصاحبه بالخيار إذا رآه. انظر: المصنف كتاب البيوع: باب البيع على الصفة وهي غائبة ٨/٤٤، ٤٦.