ثانيًا: أن لا يكون القيد المذكور قصد به فائدة أخرى كالامتنان والترغيب والتهديد والتنفير. . .، مثال ذلك قوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا}، [النحل: ١٤] فالمراد من الآية الامتنان، وليس المراد منها منع اللحم غير الطري. ثالثًا: أن لا يكون القيد للغالب الأعم، كقوله تعالى {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ٢٣]، فالغالب أن الربيبة تكون في الحجر، فلا عبرة بالقيد، لوروده مورد الغالب الأعم، فتحرم كل ربيبة كانت في الحجر أم لا. رابعًا: تخصيصه بالذكر لموافقة الوقع كقوله تعالى {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ٢٨] فإنها نزلت في قوم والوا اليهود من دون المؤمنين، فجاءت الآية ناهية عن الحالة الواقعة من غير قصد التخصيص بها. خامسًا: ومنها تخصيصه بالذكر لأجل التوكيد كقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يحل لامرأة تؤمن باللَّه واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة" متفق عليه. . إلخ. سادسًا: ومنها ورود الجواب على سؤال فلو فرض أن سائلًا سأله -صلى اللَّه عليه وسلم-: هل في السائمة زكاة؟ فأجابه في الغنم السائمة زكاة، لم يكن له مفهوم لأن صفة السوم في الجواب لمطابقة السؤال. سابعًا: ومنها أن يكون المتكلم لا يعرف حكم المفهوم، فإذا كان المتكلم يعلم حكم السائمة ويجهل حكم المعلوفة فقال: في السائمة زكاة يكون قوله لا مفهوم له لأن تركه للمفهوم لعدم علمه بحكمه. ثامنًا: ومنها الخوف، كأن يقول قريب العهد بالإسلام لعبده بحضرة المسلمين تصدق بهذا على المسلمين، فلا يعتبر المسلمين لتركه ذكر غيرهم خوفًا من أن يتهم بالنفاق. تاسعًا: ومنها أن يكون يعلم حكم المفهوم ويجهل حكم المنطوق، فلا يكون المنطوق مفهوم لأن تخصيصه بالذكر لأن السائل لا يجهل إلا إياه، واللَّه أعلم.