(١) قال الباجي في المنتقى: "روى ابن القاسم عن مالك في العتبية أنه قال: إني لأكره جمع الصلاتين في السفر، وروي عنه في المدونة لا يجمع بين الصلاتين في غزو ولا حج ولا غيره إلا أن يجد به السير فلا بأس بذلك وجه كراهة مالك إنما هو على إتيان الأفضل لئلا يترك ذلك من يقدر عليه دون مشقة تلحقه. وأما إباحته إذا جد به السير فلحديث عبد اللَّه بن عمر: أنه كان إذا عجل به السير يجمع بين المغرب والعشاء. وجميع ما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الجمع إنما هو إخبار عن فعله وليس فيه شيء من قوله، والفعل لا يحتمل العموم وإنما يقع على وجه واحد فيحتمل أن يكون ذلك لشدة السير ويحتمل غيره. وأما الجمع لغير عذر عند جماعة أصحابنا وجمهور الفقهاء فإن فعل فقد روي عن ابن القاسم في المجموعة من جمع بين العشاءين في الحضر من غير مرض أعاد الثانية أبدًا، يريد إن صلاها قبل مغيب الشفق. وقال أشهب: أحب إلي أن لا يجمع بين الظهر والعصر في سفر ولا حضر إلا بعرفة ومع ذلك فإن للمسافر في جمعها ما ليس للمقيم وإن لم يجد به السير وله إذا جد به السير من الرخصة ما ليس له إذا لم يجد به. وللمقيم أيضًا في ذلك رخصة وإن كان الفضل في غير ذلك إلا أن له الرخصة".