واعلم أن العفو فيها إذا غلبت، أي: المشار إليه بقوله: (وظاهرها العفو) مقيد بما إذا استوى وجودها في الطريقين، أو في الطريق، وأما لو كانت إحدى الطريقين أخف من الأخرى فإنه لا يعفى عما أصابه من الأكثر نجاسة، قاله ح، وهو مستفاد من قول السباطي، غير أن كلامه يقتضي جريان هذا التقييد في حال عدم غلبة النجاسة، واعترضه ح فقال: إنما قالوه فيما إذا كانت النجاسة غالبة، أي: على القول بالعفو وعينها قائمة. انتهى. وقوله: (أو عينًا. . الخ)، أي: على القول بالعفو في ذلك، والمص درج على خلاف هذا. وقوله: (إن العفو مقيد بما إذا استوى وجودها في الطريقين. . إلخ)، أي: أن استويا في غلبتها فيهما، أي: وفي الأمن والخوف والقرب والبعد والسهولة والصعوبة، كذا ينبغي، فإذا سلك في الطريق التي غلبت فيها النجاسة لقربها أو لسهولتها أو لأمنها وترك الأخرى لوجود ضد واحد من هذه الأمور فإنه يعفى عما أصابه. ويدخل في ذلك ما إذا ترك سلوك الطريق التي لم تغلب فيها النجاسة خوفًا من حبسه وهو معسر. وينبغي أن يجري مثل هذا فيما إذا تعددت الطرق التي بها أرواث الدواب وأبوالها في مسألة الخف والنعل، والطريقان كالطرق. والرجل الملحقة بالخف والنعل يجري فيها ما يجري فيهما. وقال ح أيضًا: إن الطين المستنقع من الرش ونحوه مما لا ينفك عنه الطريق غالبًا يعفى عما يصيب من ثوبه أو بدنه، وأما طين المطر فهل يجب غسل الثوب منه ونحوه إذا ارتفع المطر؟ وبه كان يفتى بعض الأشياخ. ويستفاد من قول الباجي: إنه يخرج غسله على القولين، في وجوب غسل موضع المحاجر بعد البرد. وقال ح: إن غلب على الظن وجود النجاسة فالغسل واجب إذا ارتفع وأمن المطر وخف الطين، وقول ابن العطار: (ويجب بعد ثلاثة أيام من نزوله) غير مُرض. وقد اقتصر بعض الشارحين على ما ذكره الحطاب على سبيل البحث، فقال: ويجب غسله إذا خف الطين عن الطرق كما قيل في صاحب السلس إذا برئ؛ لأن الغسل حينئذ مرة واحدة، بخلاف ماء الرش ومستنقع الطرقات فإن العفو دائمًا انتهى". (١) ما بين معكوفتين كذا في سائر النسخ، وهو لحن، والصواب حذف تاء التأنيث؛ لأن المعدود مؤنث، وهو صورة.