للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[[تأديتها بفرض: ]]

وتأدت تحية المسجد بفرض، يحتمل أن معنى تأديها قيامه مقامها في شغل البقعة بالصلاة؛ لحصول ثوابها معه، ويحتمل مع حصوله، وهذا يتأتى مع نيتها معه، كغسل الجمعة والجنابة.

[[البدء بها في المسجد النبوي: ]]

وندب بدء بها -أي: التحية- بمسجد المدينة قبل السلام عليه -صلى اللَّه عليه وسلم- عند مالك، وأخذ به ابن القاسم، ويحتمل عطف (بدء) على (جاز)، أي: وجاز بدء بها أو بالسلام عليه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم بها؛ لأن فيه الجمع، فيسلم قائمًا، ثم يركع، واستظهر (١).

[إيقاع النفل بمصلاه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ]

وندب إيقاع نفل به -أي: بمسجد المدينة- بمصلاه، أي: بموضع صلاته -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ تأسيًا به وتبركًا (٢)، فالنفل مندوب، وكونه بهذا المحل مندوب آخر.


(١) قال ابن رشد في البيان: (١٨/ ٩٤): "وسئل مالك عن الرجل يدخل مسجد النبي عليه السلام بالمدينة، بأي شيء يبدأ، بالسلام على النبي -عليه السلام- أم بركعتين؟ قال: بل بركعتين، وكل ذلك واسع. قال ابن القاسم: وأحب إلي أن يركع.
قال محمد بن رشد: وجه توسعة مالك في البداية بالسلام على النبي عليه السلام قبل الركعتين قوله في الحديث: "قبل أن يجلس"، فإذا سلم ثم ركع الركعتين قبل أن يجلس فقد امتثل أمر النبي عليه السلام بالركوع قبل الجلوس ولم يخالفه. ووجه اختيار ابن القاسم البداية بالركوع قبل السلام على النبي عليه السلام قوله في الحديث: "إذا دخل فليركع"، والفاء في اللسان للتعقيب يدل على الثاني عقيب الأول بلا مهملة، فكان الاختيار إذا دخل أن يصل ركوعه بدخوله وألا يجعل بينهما فاصلة من الاشتغال بشيء من الأشياء".
(٢) هذه المسألة من الأدلة على أن الإمام مالك بنى مذهبه على كثير من أقوال ابن عمر، فابن عمر هو من اشتهر عنه تتبع آثار النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقد ورد عنه أن كان يتتبع أماكن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فالأماكن التي يجلس فيها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يجلس فيها، والمكان الذي يجلس فيه النبي ويبول يجلس فيه ويبول، ولم يفعل هذا كبار الصحابة، أي: تتبع آثار =

<<  <  ج: ص:  >  >>