ولما تكلم على ما هو زنا وما ليس بزنا، أتبعه بالكلام على الأسباب التي تعرف بها تلك الحقيقة، وهي ثلاثة ذكرها في الموطأ.
وأشار لأحدها بقوله: وثبت الزنا: بإقراره من الزاني على نفسه رجلًا أو امرأة مرة واحدة، إذا لم يرجع عنه اتفاقًا، واشترط أحمد وأبو حنيفة أربعًا، إلا أن يرجع عن إقراره، فتقبله، ولا حد عليه مطلقًا، سواء رجع شبهة أو لا كتكذيبه نفسه.
أو إلا أن يهرب وإن في أثناء الحد؛ لأن هروبه كرجوعه، ولا فرق بين كونه في أوائل الحد أو بعد مضي أكثره.
وأشار لثاني الأسباب بقوله: وبالبينة، وتقدم كونها أربعة، وما يتعلق بذلك في باب الشهادة، وإذا قامت البينة به على امرأة وادعت البكارة أو الرتق، فلا يسقط الحد عنها بشهادة أربع نسوة ببكارتها أو رتقها، وهو مذهب المدونة.
وأشار للسبب الثالث بقوله: أو ظهر بحمل في غير متزوجة: حرة أو أمة، وفي غير ذات سيد مقر به، أي: بالوطء، وأما إن كان منكرًا له حدت.
ولو ادعت من ظهر حملها أنها مغصوبة لم يقبل دعواهما الغصب بلا بقرينة تدل على صدقها، كما لو جاءت تدمى عند النازلة مستغيثة على المشهور.