للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد ذكر الأربع الأول: من استحضر شيئًا فليضفه لها راجيًا ثواب اللَّه -تعالى-، ونظمتها في الشرح الكبير.

[[استبداد البائع والمشتري: ]]

واستبد أي استقل بائع لسلعة ومشتر لها برأيه في أخذها أوردها إن باعها أو اشتراها لنفسه أو لغيره على مشورة شخص غيره؛ إذ من حجته أن يقول: هب أني استشرته، أليس لي مخالفته.

لا إن باع أو اشترى على خياره ورضاه، فليس له حينئذ أن يستبد برأيه في أخذها أو ردها دون رأي من شرط خياره أو رضاه.

والفرق بينهما أن مخالفته لا تنافي مشورته، وتخالف رضاه والخيار كالرضى، وتوولت المدونة على هذا.

وتؤولت أيضًا على نفيه: أي الاستبداد في مشتر اشترى على خيار غيره أو رضاه فلا يستبد دونه، بخلاف البائع يستبد دونه، وفرق بينهما بقوة يد البائع، وتقدم ملكه دون المشتري.

وتؤولت أيضًا على نفيه، أي: الاستبداد في الخيار فقط، يجعله بائع أو مشتر لغيره، فلا يستبد بحل ولا إبرام دون الغير، بخلاف الرضى فيستبد البائع والمشتري في الأخذ والرد (١).


(١) قال في منح الجليل (٥/ ١٢٤): "طفى: انظر من تأولها على هذا؛ فإني لم أره لغيره في توضيحه ومن تبعه، وقد أشبع عياض في تنبيهاته الكلام في المسألة واستوفى ما فيها من التأويلات ونسبها لقائليها ولم يذكره، واقتصر ابن عرفة على أن الخيار مثل الرضا بعد ما ذكر ما في الخيار من الخلاف، ولم يفرق بينهما.
والفرق الذي ذكره تت بين الخيار والرضا فيه نظر وإن تبعه عليه "س" لأن المصنف ذكره في توضيحه على ما روي عن ابن القاسم من منع البيع على خيار الغير أو رضاه وهو مذهب أحمد رضي اللَّه تعالى عنه لأن الخيار رخصة فلا يتعدى المتعاقدين وأصله عياض، فإنه لما حكى هذا القول عن ابن القاسم قال: كأنه رأى الخيار رخصة مستثناة من الغرر والمخاطرة فلا تتعدى لغير المتبايعين، وهو قول أحمد وبعض أصحاب الشافعي رضي اللَّه تعالى عنهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>