للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقتل المتمالئون على القتل، دان بسوط سوط من كل واحد، لخبر الموطأ عن عمر في الصبي: "لو تمالأ عليه أهل صنعاء [على قتل صبي] لقتلتهم به" (١).

[فرع]

قال في الجواهر: لو اجتمع جماعة على رجل يضربونه، فقطع رجل يده، وفقأ آخر عينه، وجذع آخر أنفه، وقتله آخر، وقد اجتمعوا على قتله، فمات مكانه قتلوا به كلهم، وإن كان جرح بعضهم أنكأ من جرح بعض.

ولا قصاص له في الجراح ما لم يتعمدوا المثلة، وإن لم يريدوا قتله، اقتص من كل واحد بجرحه، وقتل قاتله انتهى.

فقوله: (ومات مكانه) أي: وأما لو مات بعد ذلك ففيه القسامة.


= يصح أن يقال قاتل بعض نفس، وقوله تعالى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] الألف واللام للجنس فتقديره: الأنفس بالأنفس، وكذلك قوله: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ} [البقرة: ١٧٨] تقديره: الأحرار بالأحرار. فلا فرق بين جماعة قتلوا واحدًا أو جماعة، وأما القود من اللطمة وشبهها، فذكر البخاري عن أبي بكر الصديق وعمر وعلي وابن الزبير أنهم أقادوا من اللطمة وشبهها، وقد روى عن عثمان وخالد بن الوليد مثل ذلك، وهو قول الشعبي وجماعة من أهل الحديث، وقال الليث: إن كانت اللطمة في العين فلا قصاص فيها للخوف على العين ويعاقبه السلطان، وإن كانت على الخد ففيها القود. وقالت طائفة: لا قصاص في اللطمة. فروى هذا عن الحسن وقتادة، وهو قول مالك والكوفيين والشافعي.
واحتج مالك في ذلك، وقال: ليس لطمة المريض والضعيف مثل لطمة القوي، وليس العبد الأسود يلطم مثل الرجل له الحال والهيئة، وإنما في ذلك كله الاجتهاد لجهلنا بمقدار اللطمة. واختلفوا في القود من ضرب السوط، فقال الليث: يقاد من الضرب بالسوط ويزاد عليه للتعدى. وقال ابن القاسم: يقاد من السوط، ولا يقاد منه عند الكوفيين، والشافعي إلا أن يجرح، قال الشافعي: إن جرح السوط ففيه حكومة. وحديث لد النبي (صلى اللَّه عليه وسلم) لأهل البيت حجة لمن جعل القود في كل ألم، وإن لم في جرح ولا قصد لأذى، بسوط كان الألم أو بيد أو غيره، وقد تقدم في كتاب الأحكام مذاهب العلماء في الشاهد إذا تعمد الشهادة بالزور، هل يلزمه الضمان، وقد تقدم تفسير قتل الغيلة، في باب من قتل قتيلًا فهو بخير النظرين".
(١) أخرجه مالك (٢/ ٨٧١)، والشافعي في الأم (٦/ ٢٢)، والبيهقي (٨/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>