قال: وأما تقرير الشارح وتت وعج وابن مرزوق وغير واحد من شروحه قوله: لا بشاهدين بعدم حصول العلم بهما فغير صحيح؛ لأنه خلاف كلام الناس من أن الشاهدين لا يعتمد عليهما في التعريف مطلقًا، حصل علم بهما أم لا، وهذا على مذهب ابن القاسم بخصوصه لمرور المصنف عليه، وأما على قول ابن الماجشون وما رواه ابن نافع عن مالك فيصح كلام الشارح ومن تبعه إلا أنه قليل الجدوي، إذ لو أراد المصنف ذلك لقال بدل لا بشاهدين لا إن لم يحصل علم. فإن قلت: ما وجه قول ابن القاسم بالمنع مع حصول العلم بالشاهدين؟ قلت: لأن توقف الشاهدين عن الشهادة على من عرفا صحة شهادتهما وحضورهما فيه تهمة وريبة، وقد صرح ابن مرزوق وغيره بأن المشهور هو قول ابن القاسم وأبو الحسن صاحب الفائق وغير واحد بأن تفصيل ابن رشد قول ثالث. اهـ. البناني هذا مبني على فهم قول ابن القاسم لا يعتمد على الشاهدين مطلقًا، ولو حصل العلم بهما وهو بعيد، وإن كان هو مقتضى من جعل ما لابن رشد ثالثًا والظاهر قول طفى يمكن حمل الخلاف بين ابن القاسم وغيره على ما كان على وجه الشهادة، فيكون اختيار ابن رشد وفاقًا لابن القاسم. اهـ. وبالجملة؛ فالظاهر ما قاله ابن رشد وأن يحمل كلام ابن القاسم عليه، وكذا كلام المصنف، واللَّه الموفق. أقول: وتوجيه ابن رحال قول ابن القاسم متناقض، فإن تهمة الشاهدين والريبة في شهادتهما بتوقفهما عنها تمنع من حصول العلم بشهادتهما، وحاشا الإمام ابن القاسم أن يقول إن حصل العلم بتعريف امرأة واحدة فإن الشاهد يعتمد عليه في شهادته، وإن حصل العلم بشهادة رجلين عدلين فلا يعتمد عليه فيها، واللَّه أعلم".