وأما عدله فإنه سبحانه سوى بين الذكور لأنهم سواء في أحكام الديات والعقول ورجاء المنفعة وأن صغر السن لا يبطل حق الولادة ولا معنى النسب وأن كلًا منهم فلق الأكباد وشجا الحساد ولذلك قال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} ولم يقل بأولادكم لأنه أراد العدل فيهم والتحذير من الجور عليهم وجاء باللفظ عامًا غير مقصور على الميراث أو غيره ولذلك قال النبي -عليه السلام-: "إني لا أشهد على جور" وذلك أيضًا قاله في هبة فضل بها بشير بن سعد بعض ولده على بعض لأنه رأى اللَّه تعالى قد أمر بالعدل فيهم أمرًا غير مقصور على باب دون باب ولذلك رأى كثير من العلماء أن لا يفضل في الهبة والصدقة ابن على بنت إلا بما فضله اللَّه به للذكر مثل حظ الأنثيين وهو قول أحمد ابن حنبل، وكانوا يستحبون العدل في البنين حتى في القبلة ورأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رجلًا قاعدًا فجاء طفل له فأقعده في حجره وجاءت بنت له صغيرة فأقعدها على الأرض فقال له عليه الصلاة والسلام أليست بولدك أو كما قال قال بلي قال فاعدل فيهما وهذا كله منتزع من قوله سبحانه: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}، وأما ما تضمنته وصيته من الرحمة إلى ما ذكرنا من العدل والحكمة فإنه جعل للبنات حظًا في أموال آبائهن رحمة منه لضعفهن وترغيبًا في نكاحهن لأن المرأة تنكح لمالها وجمالها ولدينها فعليك بذات الدين قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اتقوا اللَّه في الضعيفين" =