للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[الماء المكروه للعبادة: ]]

ولما ذكره ما يرفع وما لا يرفع، ذكر حكمًا متوسطًا بينهما، وهو الكراهة، فقال: [١] وكره أن يستعمل في طهارة ثانية ماء مستعمل في رفع حدث أولًا، وهو: ما تقاطر من الأعضاء، أو اتصل بها، وظاهره ولو لم يوجد غيره، وفي التوضيح كراهته مع وجود غيره (١).


= القاسم يعتبر بقاء صدق المطلق عليه، وأشهب يعتبر المخالطة في نفس الأمر، ومن قال إنه في حال يقول: إن القائل بالجواز نَظَرَ إلى أنه يمكن الانفكاك عما يغيره، والقائل بعدمه نَظَرَ إلى أنه لا يمكن الانفكاك، واتفقا على أنه لو تحقق التغير لأثر، قاله في التوضيح، أي: لو تحقق أنه حصل قدر من الريق لماء الفم تؤثر فيه، وإن لم يظهر بها تغيره، وهذا مخالف لما سيأتي من أن ما دون آنية الوضوء والغُسل إذا حلته نجاسة ولم تغيره لم تضره، خلافًا لما ذكره تت، وأما ما ذكره ابن القاسم بناءً على أن الخلاف حقيقي فيشهد لما ذكره د من أن ما دون آنية الوضوء والغُسل إذا حل فيه ما يفارقه غالبًا ولم يغير أحد أوصافه طهور. فإن قلت: قد جرى التردد من المتأخرين في جعل المخالط. . إلخ، وهذا يشكل عليه؛ لأنه يفيد أن المسألة فيها قولان للمتقدمين، فكيف هذا؟ قلت: التردد فيما كان من الماء قدر آنية الوضوء والغُسل، أي: قدر كفاية المستعمل، وكان المخالط له مساويًا له أو أكثر أو أقل منه على ما مر، وهذا إنما (رقم -) دونه، فهما موضعان، وقد أشرنا إلى ذلك سابقًا. فإن قلت: قد سبق أن القاضي سند قال فيها: "إذا كان المخالط -بالفتح- دون الكفاية إنه لم يره لغيره"، فإنه جزم فيه بأنه لا يستعمل هذا مع أنه أحد القولين هنا. قلت: لا شك في مخالفة هذه المسألة لمسألة سند ولمسألة وفي جعل المخالط. . إلخ"؛ لأن الماء في هذه اختلط بشيء باق على أوصافه، ولم يظهر به تغير في الماء، وهذا بناء على أن الخلاف في هذه حقيقي، وأما على أنه في حال، فيمكن انفكاك الماء عن المخالط في هذه على القول بالتطهير به، ولم يظهر به تغير وأما السابقة فالمخالطة فيها حصلت بالفعل، لكن بشيء زالت أوصاف مع احتمال التغير بها لو وجدت، على أن هذه المسألة مفروضة فيما ملىء الفم أو دونه، ويمكن حمل ما تقدم على ما إذا كان الماء يزيد على ذلك، وقد علم من هذا أن القائل بعدم التطهير به يقول بحصول المخالطة قطعًا مطلقًا، وأما القائل بالتطهير به فيقول بحصولها قطعا، على أن الخلاف حقيقي لا على أنه خلاف في حال".
(١) قال في الذخيرة (١/ ١٧٤): "فرعان: الأول: الماء المستعمل في الحدث إذا لم يكن على الأعضاء نجاسة ولا وسخ.
قال مالك رحمه اللَّه في الكتاب: لا يتوضأ بماء توضئ به مرة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>