وأشار لمثال رابع بقوله: وكالعدل الواحد فقط يشهد في معاينة القتل، فيقسم الأولياء معه، ويستحقون الدم، وهو المشهور، وهو مذهب المدونة.
ومفهوم (فقط): أن غير العدل كالعبد والصبي والذمي لا يكون لوثًا، وهو كذلك، لم يختلف فيه قول مالك وأصحابه.
أو رآه -أي: العدل المقتول- يتشحط في دمه والمتهم بقربه وعليه من دليل آثاره، كسيف بيده وهو ملطخ بالدم، أو يراه خارجًا من موضعه وهو كذلك، وليس هناك غيره، وفي هذه لم يعاين القتل، وفي التي قبلها عاينه.
ووجبت قسامة الأولياء وإن تعدد اللوث، كشاهد على القتل مع شاهد آخر أنه رآه يقتله.
وذكر وجوبها بتعدد اللوث مع أنها تجب بانفراده لئلا يتوهم الاكتفاء بتعدده عن القسامة، فأفاد أنه لا يلفق لوث مع لوث آخر، ويقتل بغير قسامة.
وليس منه -أي: اللوث- عند مالك وجماعة من أهل الحجاز وجوده: المقتول مطروحًا بقريه قوم أو دارهم؛ لأن الغالب أن من قتله لا يتركه بموضع يتهم هو به، وذهب جماعة من أهل العراق إلى أنه لوث.
[[مسألة: ]]
ولو شهد [اثنان] على شخص أنه قتل، ودخل في جماعة، ولم يعرف، استحلف كل منهم خمسين يمينًا؛ لأن يمين الدم لا يكون إلا خمسين، والقاتل واحد، فيحتمل كل أنه هو القاتل، والدية عليهم بعد أيمانهم بغير قسامة؛ لأن البينة شهدت بالقتل، وكان الغرم على جميعهم للقطع بكذب أحدهم، وهو غير معين، وهذا مذهب ابن القاسم.
وحاصله: أنه جعل يمين الحالف تارةً تسقط عنه الغرم، وهو إذا حلف ونكل غيره، وتارةً لا تسقط عنه شيئًا، وهو إذا حلف الجميع.