بشرط أن يقول: عمدًا؛ لأن الدماء يعمل فيها باللوث، والعمد لوث محض، بخلاف الخطأ؛ فإنه جار مجرى الشهادة؛ إذ هو شاهد على العاقلة، فلا ينقل عنه إلا الاثنان، نص عليه أشهب.
كإقراره -أي: المقتول- أن دمه عند فلان، مع شاهد شهد أن فلانًا قتله مطلقًا -أي: عمدًا أو خطأ- فلا يكتفى بذلك، ولا بد من قسامة هذا كقول المدونة.
ولو قال المقتول: دمي عند فلان، وشهد أنه قتله، لم يجبر بذلك، ولا بد من القسامة.
أو إقرار القاتل في الخطأ فقط بشاهد ما تقدم إقرار المقتول، وهذا إقرار القاتل، وقرره الشارحان على ظاهره: أنه قتل فلانًا خطأ، فيقسم عليه مع الشاهد الواحد. انتهى.
وقال بعض من تكلم على هذا الموضع: إن في بعض النسخ (العبد) بدل (الخطأ)، وأنه هو صواب، وغيره خطأ صراح.
قال: وهذا التفصيل هو الأظهر عند ابن رشد؛ لأن في المسألة ثلاثة أقوال:
أحدها: إيجاب القسامة مع الشاهد الواحد على إقرار القاتل عمدًا أو خطأ.
والثاني: لا قسامة في ذلك لا في العمد ولا في الخطأ.
والثالث: الفرق القسامة في العمد لا في الخطأ، وعلى هذا اقتصر سحنون، وعليه أصلح المدونة، وهو الأظهر؛ إذ قيل: إن إقرار القاتل بالقتل خطأ ليس بلوث يوجب القسامة، فكيف إذا لم يثبت قوله، وإنما شهد به شاهد واحد.
وإن اختلف شاهداه في صفة مثله، فشهد أحدهما أنه ذبحه، وقال الآخر: أقر عندي أنه حرقه بالنار، أو قال أحدهما: قتله بسيف، وقال الآخر: بحجر، بطل الحق.