للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأدخلناه في المبالغة لأنه لو فعل به ذلك قبل أن يسلم له لكان له القود من باب أولى.

[[القصاص ممن هو أدنى: ]]

ولما قدم أن شرط القصاص أن لا يزيد القاتل على المقتول بحرية أو إسلام أفاد أن العكس لا يمنع ذلك، وأن الأدنى يقتل بالأعلى، فقال: وقتل الأدنى بالأعلى منه، كحر كتابي يقتل بعبد مسلم؛ لأن زيادة الإسلام أعلى من الحرية، بخلاف العكس، فلا يقتل رقيق مسلم بحر كتابي.

ويقتل الكفار بعضهم ببعض، ثم أتى بـ (من) لبيان الجنس، فقال: من كتابي نصراني أو يهودي ومجوسي ومؤمن: اسم مفعول، دخل دار الإسلام بأمان، وهو وما قبله من عطف العام على الخاص؛ لشمول الكافر لما ذكر، فيقتل النصراني بالنصراني، واليهودي بالمجوسي، ويقتل اليهودي باليهودي، وبمن ذكر، وكذلك المجوسي.

كذوي الرق يقتل بعضهم ببعض، وإن قل جزء رقه ومكاتب ومدبر وأم ولد وكامل الرق، وغيره سواء.

وذكر وصحيح وضدهما فيقتل الذكر بالأنثى، والصحيح بالسقيم، وعكسه، ولا ينظر لنقص الأعضاء، ولا للعيوب، ولا لصغر وكبر؛ لأن القصاص في النفوس: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (١).


(١) قال القرطبي في جامعه (٦/ ١٩١، وما بعدها) في تفسير هذا القول الكريم: "فيه ثلاثون مسألة:
الأولى- قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} بين تعالى أنه سوى بين النفس والنفس في التوراة فخالفوا ذلك، فضلوا؛ فكانت دية النضيري أكثر، وكان النضيري لا يقتل بالقرظي، ويقتل به القرظي فلما جاء الإسلام راجع بنو قريظة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيه، فحكم بالإستواء؛ فقالت بنو النضير: قد حططت منا؛ فنزلت هذه الآية. و"كتبنا" بمعنى فرضنا. وقد تقدم. وكان شرعهم القصاص أو العفو، وما كان فيهم الدية؛ كما تقدم في "البقرة" بيانه. وتعلق أبو حنيفة وغيره بهذه الآية فقال: يقتل المسلم بالذمي؛ لأنه نفس بنفس، وقد تقدم في "البقرة" بيان هذا. وقد روى أبو داود =

<<  <  ج: ص:  >  >>