وفي ابن يونس ابن المواز: تجوز شهادة السماع لمدعي دارًا بيد غيره وقد حازها عليه إنما تجوز لمن الدار بيده إذا أثبت الذي يدعيها البينة أنها لأبيه أو جده أو ممن هو وارثه، وتكون قد قامت بيد حائزها سنين ينقطع فيها العلم فلا يجد من يشهد له إلا على السماع أنا لم نزل نسمع من العدول أن الذي في يده الدار أو أحد من آبائه ابتاعها من القادم أو من أحد ورثها القادم عنه فلذلك يقطع حق القادم. اهـ. والمالكية مطبقون على التعبير بأن شهادة السماع لا يستخرج بها من يد حائز، وإنما تجوز للحائز ولم يقولوا للمتصرف، وهذا ظاهر لمن تأمل وأنصف وعرف الحق بنفسه لا بالرجال ولم يجعل ربقة التقليد في عنقه لكل غث وسمين والعجب من "ح" والشارح و"ق" وغيرهم كيف تواطئوا على نقل كلام الجواهر هنا تقليدًا للتوضيح ولم يتنبهوا لما قلناه مع وضوحه، وتبعهم عج حتى فسر الطول في قوله: وحوز طال بعشرة أشهر، ولا شك أن ما فسر به مراد صاحب (الجواهر)، لكن في الشهادة بالملك على البت كما يأتي للمصنف من قوله: وحوز طال كعشرة أشهر، وأما هنا فكيف يأتي اشتراط الحوز عشرة أشهر مع شرط طول الزمان كالخمسين والستين سنة ما هذا إلا تهافت، وتقدم عن ابن المواز و (المدونة) أن الحيازة هنا خمسون سنة أو ستون سنة ونحوها مما ينقطع به العلم وربك أعلم بمن هو أهدى سبيلًا، واللَّه الموفق. والعذر للمصنف رحمه اللَّه تعالى أن صاحب (الجواهر) تكلم على الشهادة بالملك على البت أثناء شهادة السماع، فتوهم المصنف أنه من جملة شهادة السماع، فوقع فيما وقع والكمال للَّه تعالى. البناني ووقع لابن مرزوق أيضًا أنه قرر كلام المصنف على ظاهره واحتج له بقول المازري ما نصه مما تقبل فيه شهادة السماع الشهادة بالملك المطلق، فإن الملك لا يكاد يقطع به، ويعتمد الشاهد في الشهادة بذلك على وضع اليد عليه والتصرف فيه تصرف المالك في ملكه، ونسبتها مع ذلك لنفسه وعدم المنازع وطول الحيازة ونحوه في (النوادر)، وهو وهم أيضًا من ابن مرزوق في فهم كلام المازري، فإن قوله: ويعتمد. . . إلخ، إنما هو في شهادة القطع بالملك لا السماع".