قلت: ونص ما في الحطاب (١/ ٤٩٠): "ص: (أو عطش محترم معه) ش: يعني أن التيمم يُباح لمن تقدم مع وجود الماء أيضًا، إذا خافوا عطش حيوان محترم، قال في المدونة: وإذا خاف العطش وإن توضأ بماء معه تيمم. وقال ابن الحاجب: وكظن عطشه أو عطش من معه من آدمي أو دابة. قال في التوضيح: قول المصنف: (كظن عطشه) قريب منه في الجواهر، والذي في كتب أصحابنا كالمدونة والجلاب والتلقين وابن بشير وغيرهما إذا خاف عطشه أو عطش من معه تيمم، وأنت إذا تأملت العبارتين وجدت بينهما فرقًا؛ لأن عبارة المصنف تقتضي أنه إذا شك في العطش أو توهمه لا يجوز له التيمم بخلاف عبارتهم. انتهى. ونقله ابن ناجي في شرح المدونة وقبله، وكذلك ابن فرحون في شرح ابن الحاجب، ونص ما في التلقين: الرابع: أن يخاف على نفسه أو على إنسان التلف من شدة العطش أو يخاف ذلك في ثاني حال، ويغلب على ظنه أنه لا يجده. قال المازري في شرحه: أما إذا خاف عطشًا بمرضه فيجري على الخلاف في التيمم؛ لخوف حدوث المرض، وأما خوفه تلف من آخر من العطش فيبيح له التيمم؛ لأن حرمة نفس غيره كحرمة نفسه، ويجب عليه ذلك. قال ابن حبيب: يجوز التيمم إذا خاف على غيره الموت أو ضررًا شبه الموت. وقيد القاضي كلامه هنا بخوف التلف للاختلاف الذي قدمناه، وأما خوفه من مرض غيره ففيه نظر، وقوله: (أو يخاف ذلك في ثاني حال. . إلخ)؛ لأنه لا فرق بين أن يخاف التلف في الحال أو في المستقبل، بأن يغلب على ظنه أنه لا يجد ما يشربه في المستقبل، وغلبة الظن هنا تقوم مقام العلم. انتهى. ونقله ابن عرفة، فأنت تراه كيف اشترط غلبة الظن كما اشترط ذلك صاحب الجواهر وابن الحاجب، وهو الظاهر؛ لأن الأحكام الشرعية إنما تناط بغلبة الظن لا بالشك والوهم. . ".