وحوز مودع عند حوز للموهوب له إن علم المودع عنده بالهبة؛ ليكون حائزًا للموهوب له.
قال التونسي: لم يشترط ابن القاسم علم المخدم والمستعير، كما شرط علم المودع؛ لأنهما إنما حازا الرقاب لمنافعهما، فلو قالا: لا تحوز للموهوب لم يلتفت إلى قولهما، إلا أن يبطلا ما لهما من المنافع، ولا يقدران على ذلك؛ لتقدم قبولهما، فصار علمها غير مقيد، والمودع لو شاء لقال: خذ ما أودعتني، لا أحوزه لهذا.
لا حوز كاصب ومرتهن ومستأجر، فليس حوزًا للموهوب له في الثلاثة عند ابن القاسم، أما الغاصب فحوزه بغير إذن المالك.
[تنبيه]
علم من هذا أن هبة المغصوب جائزة، وهو كذلك، بخلاف بيعه على ما تقدم، وأما المرتهن فإنه جائز للرهن، وأما المستأجر فحوزه لضرورة الاستيفاء.
إلا أن يهب الواهب الإجارة، أما مع هبة الرقيق أو بعدها فحوزه حينئذٍ حوز للموهوب؛ لأنه إذا وهب الإجارة سقط تعلقه من الرقبة ومنافعها، ولا كذلك إذا وهب الرقبة فقط.
ولا إن رجعت إليه هبة واهب بعده، أي: بعد حوز الموهوب له بقرب حاصل بين حوز الهبة ورجوعها لواهبها، بأن أجرها الموهوب له لواهبها، أو أرفق بها واهبها قرب حوزه لها، فإن تلك الحيازة كعدمها، ويبطل حقه فيها اتفاقًا؛ لأن القرينة دلت على أن ذلك حيلة من الواهب على إسقاط الحوز، بخلاف رجوعها للواهب بعد حيازة سنة، فإن رجوعها لا يبطل الهبة؛ لطول مدة الحيازة.
أو رجع الواهب مختفيًا عن الموهوب له، بأن وجدها الواهب خالية فسكنها، ومات فيها، أو رجع ضيقًا فنزل عند الموهوب له بالدار الموهوبة، فمات بها، فإن ذلك لا يبطل الهبة في المسألتين.