قال أبو الحسن: فإن قلت إنما جاء هذا في حرف واحد يعني شَنُوءة قال فإنه جميع ما جاء وما ألطف هذا القول من أبي الحسن وتفسيره أن الذي جاء في فَعُولة هو هذا الحرف والقياس قابِلُه ولم يأت فيه شيء ينقضه. فإذا قاس الإنسان على جميع ما جاء وكان أيضًا صحيحًا في القياس مقبولًا فلا غَرْو ولا ملام. وأمّا ما هو أكثر من باب شَنَئيّ ولا يجوز القياس عليه لأنه لم يكن هو على قياس فقولهم في ثَقِيف ثَقَفِيّ وفي قُرَيش قرشيّ وفي سُلَيم سُلَمِيّ فهذا وإن كان أكثر من شنئيّ فإنه عند سيبويه ضعيف في القياس فلا يجيز على هذا في سعيد سَعَدِيّ ولا في كَرِيم كَرَمِيّ. فقد بَرَد في اليد من هذا الموضع قانون يُحمل عليه ويُردّ غيره إليه وإنما أذكر من هذا ونحوه رسومًا لتُقتدى وأفرض منه آثارًا لتُقتفى ولو التزمتُ الاستكثار منه لطال الكتاب به وأملّ قارئه". (١) قال في الموافقات (٥/ ١٠٠ - ١٠١): "ويذكر عن الإمام المازري أنه سئل: ما تقول فيما اضطر الناس إليه في هذا الزمان -والضرورات تبيح المحظورات- من معاملة فقراء أهل البدو في سني الجدب؛ إذ يحتاجون إلى الطعام فيشترونه بالدين إلى الحصاد أو الجذاذ، فإذا حل الأجل قالوا لغرمائهم: ما عندنا إلا الطعام، فربما صدقوا في ذلك؛ فيضطر أرباب الديون إلى أخذه منهم، خوفًا أن يذهب حقهم في أيديهم بأكل أو غيره لفقرهم، ولاضطرار من كان من أرباب الديون حضريًا إلى الرجوع إلى حاضرته، ولا حكام بالبادية أيضًا، مع ما في المذهب في ذلك من الرخصة إن لم يكن هنالك شرط ولا عادة، وإباحة كثير من فقهاء الأمصار لذلك وغيره من بيوع الآجال خلافًا للقول بالذرائع. فأجاب: إن أردت بما أشرت إليه إباحة أخذ طعام عن ثمن طعام هو جنس مخالف لما اقتضى، فهذا ممنوع في المذهب، ولا رخصة فيه عند أهل المذهب كما توهمت. قال: ولست ممن يحمل الناس على غير المعروف المشهور من مذهب مالك وأصحابه؛ لأن الورع قل، بل كاد يعدم، والتحفظ على الديانات كذلك، وكثرت =