بين مسلم وكافر، قاله المازري وعياض، وهو الصحيح، إذ لو تمحضت للَّه لم يزد على القدر المأذون فيه، وليخبر بها الحاكم وجوبًا، بأن يقول الشاهد: بيني وبين الذي أشهد عليه عداوة، قاله مالك؛ ليسلم من التدليس، أو لاحتمال أن لا تكون تلك العداوة قادحة إذا فسرت.
ثم شبه في عدم القبول، فقال: كقوله -أي: الشاهد- للمشهود عليه بعدها تتهمني وتشبهني بالمجانين، إذا قال له ذلك مخاصمًا له به، لا شاكيًا له، أي: قاله من جهة الشكوى، لا من جهة الخصومة.
وفي هذا التقرير رد على إعراب الشارح كونهما حالين، ونحو ما قررناه للبساطي.
[[مسألة: ]]
ولما كان الأصل أن يعتمد الشاهد على العلم، وقد يتعذر أو يقصر في بعض المسائل، فيعتمد على غلبة الظن؛ لئلا تضيع الحقوق، أشار لبعض تلك المسائل، فقال: واعتمد الشاهد في شهادته إعسار بصحبة للمشهود له بذلك، وعلى قرينة صبر ضر، كصبره على الجوع، وتكلف مشاقه، مما لا يوجد مثله، إلا مع الفقر بحيث يقوي الظن القريب من العلم، بأن من معه شيء لا يصير على مثله، وكضرر أحد الزوجين للآخر، يكفي فيه الظن، وهذا وإن كان قد يمكن القطع به، لكنه نادر، ولابن القاسم جوازه بالسماع من الحيوان والأهل.
[[عود على موانع الشهادة: ]]
وأشار للمانع الرابع بقوله: ولا إن حرص الشاهد على إزالة نقص حصل له، كما لو تحمل وهو غير عدل، ثم زال المانع، وشهد بعد أن صار عدلًا، فيما -أي: في شيء أو في الذي- رد فيه قبل عدالته؛ لفسق أو صبا أو رق أو كفر، فلا يقبل إن أعادها.
ومفهوم كلامه: أنه لو لم يرد حال قيام المانع ثم أداها ثانيًا بعد زوال المانع لجازت، وهو قول ابن القاسم.