قال ابن عقيل: (٣/ ٧١): "هذه الأسماء المذكورة، وهي: غير وقبل وبعد وحسب وأول ودون، والجهات الست، وهي: أمامك وخلفك وفوقك وتحتك ويمينك وشمالك وعل، لها أربعة أحوال، تبنى في حالة منها، وتعرب في بقيتها، فتعرب إذا أضيفت لفظًا، نحو: (أصبت درهما لا غيره)، و: (جئت من قبل زيد)، أو حذف المضاف إليه ونوي اللفظ، كقوله: ومن قبل نادى كل مولى قرابة ... فما عطفت مولى عليه العواطف وتبقى في هذه الحالة كالمضاف لفظا؛ فلا تنون إلا إذا حذف ما تضاف إليه، ولم ينو لفظه، ولا معناه؛ فتكون حينئذ نكرة، ومنه قراءة من قرأ: {للَّه الأمر من قبل ومن بعد} بجر قبل وبعد وتنوينهما، وكقوله: فساغ لي الشراب وكنت قبلا ... أكاد أغص بالماء الحميم هذه الأحوال الثلاثة التي تعرب فيها، أما الحالة الرابعة التي تبنى فيها فهي إذا حذف ما تضاف إليه ونوى جمعناه دون لفظه؛ فإنها تبنى حينئذ على الضم، نحو: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ}، وقوله: أقب من تحت عريض من عل وحكى أبو علي الفارسي: (ابدأ بذا من أول) بضم اللام وفتحها وكسرها، فالضم على البناء؛ لنية المضاف إليه معنى، والفتح على الإعراب لعدم نية المضاف إليه لفظًا ومعنى، وإعرابها إعراب ما لا ينصرف؛ للصفة ووزن الفعل، والكسر على نية المضاف إليه لفظًا، فقول المصنف: (واضمم بناءً. . البيت) إشارة إلى الحالة الرابعة. وقوله: (ناويًا ما عدما) مراده: أنك تبنيها على الضم إذا حذفت ما تضاف إليه ونويته معنى لا لفظًا. وأشار بقوله: (وأعربوا نصبًا. .) إلى الحالة الثالثة، وهي ما إذا حذف المضاف إليه ولم ينو لفظه ولا معناه، فإنها تكون حينئذ نكرة معربة. وقوله: (نصبا) معناه: أنها تنصب إذا لم يدخل عليها جار، فإن دخل عليها جرت، نحو: (من قبل ومن بعد). ولم يتعرض المصنف -رحمه اللَّه تعالى- للحالتين الباقيتين، أعني: الأولى والثانية؛ لأن حكمهما ظاهر معلوم من أول الباب، وهو الإعراب، وسقوط التنوين كما تقدم في كل ما يفعل بكل مضاف مثلها".