قلت: ولا السلالقة؟ قال: "نعم" لا يجيز بيعها سلوقية ولا غيرها. قلت: أفيجيز مالك بيع الهر؟ قال: "نعم". قلت: أفيجيز بيع السباع أحياء النمور والفهود والأسد والذئاب وما أشبهها؟ قال: ما سمعت من مالك فيها شيئًا؟ ولكن إن كانت تشترى وتذكى لجلودها، فلا أرى بأسًا لأن مالكًا قال: إذا ذكيت السباع فلا أرى بالصلاة على جلودها ولا بلبسها بأسًا. قال ابن القاسم: وإذا ذكيت لجلودها لم يكن ببيع جلودها بأس". (٢) قال ابن رجب في جامعه ص ٤٩ - ٥٠: "فأما بيعُ الهرِّ، فقد اختلف العلماءُ في كراهته، فمنهم من كرهه، ورُوي ذلك عن أبي هريرة وجابر وعطاء وطاووس ومجاهد، وجابر بن زيد، والأوزاعي، وأحمد في رواية عنه، وقال: هو أهونُ من جلود السِّباع، وهذا اختيارُ أبي بكر من أصحابنا، ورخص في بيع الهرِّ ابن عباس وعطاء في رواية والحسن وابن سيرين والحكم وحماد، وهو قول الثوري وأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه، وعن إسحاق روايتان، وعن الحسن أنَّه كره بيعها، ورخَّصَ في شرائها للانتفاع بها. وهؤلاء منهم من لم يصحِّح النهي عن بيعها، قال أحمد: ما أعلم فيه شيئًا يثبت أو يصحُّ، وقال أيضًا: الأحاديث فيه مضطربةٌ، ومنهم من حمل النهي على ما لا نفع فيه كالبرِّيِّ ونحوه، ومنهم من قال: إنَّما نهى عن بيعها؛ لأنَّه دناءة وقلة مروءة، لأنَّها متيسرة الوجود والحاجة إليها داعية، فهي من مرافِق الناس التي لا ضررَ عليهم في بذل فضلها، فالشُّحُّ بذلك مِنْ أقبحِ الأخلاق الذميمة، فلذلك زجر عن أخذ ثمنها. وأما بقية الحيوانات التي لا تُؤكل، في لا نفع فيه كالحشرات ونحوه لا يجوزُ بيعُه، وما يُذكر من نفع في بعضها، فهو قليل، فلا يكون مبيحًا للبيع، كما لم يبح النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بيعَ الميتة لما ذكر له ما فيها من الانتفاع، ولهذا كان الصحيحُ أنَّه لا يُباحُ بيعُ العلق لِمَصِّ الدم، ولا الدِّيدان للاصطياد ونحو ذلك. وأما ما فيه نفعٌ للاصطياد منها، كالفهد والبازيِّ والصَّقر، فحكى أكثرُ الأصحاب في جواز بيعها روايتين عن أحمد، ومنهم من أجازَ بيعَها، وذكر الإجماعَ عليه، وتأوَّل رواية الكراهة كالقاضي أبي يعلى في "المجرد"، ومنهم من قال: لا يجوزُ بيع الفهد =