الحمد للَّه رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد بن عبد اللَّه صادق الوعد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن استن بسنته إلى يوم الدين، وبعد:
- ١ -
فقد كان لتأليف الشيخ خليل بن إسحاق مختصره الذي بلغت شهرته الآفاق، وطار صيته كل مطار، الأثر البالغ في المذهب المالكي، فما إن وضع حتى غدا المرجع الأساس للمريدين، وسراجًا منيرًا للسالكين، ومن لم يَدْرُسْه فضلًا عن أن يتقنه فهمًا ودراية لم يُعَد ملمًا بالمذهب وأقواله، فانكب الناس على تعاطيه، بين حافظ له وناظم، ومقيد له وشارح، ومستدل له وناقد، وما ذلك إلا لأنه قد ضمنه صاحبه ما تكون به الفتوى، وما هو الأرجح والأقوى، مع رسوخ قدم مصنفه وجلالته، واستيفاء مسائله لجل المذهب، فلم يجمع أهل المذهب في مدح كتاب للمتأخرين كما أجمعوا على مدح مختصر خليل، بل إنه لم يهتم أهل المذهب بكتاب بعد الموطأ والمدونة كاهتمامهم به.