ونحوه في المدونة، وإن ضرب في شرب خمر، أو أقيم عليه حد الزنا، فهو لما كان قبل من ذلك، فإن فعل شيئًا بعد ذلك أقيم عليه حده، واللَّه أعلم.
* * *
[باب]
ذكر فيه الحرابة، وما يتعلق بها، واختلف في قوله تعالى:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ} الآية هل سبب نزولها في المشركين الحربيين، أو قوم من أهل الذمة نقضوا عهدا بينهم وبين رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو الغرينين المرتدين، أو قطاع الطريق من المسلمين، أقوال، والأخير منها لمالك وغيره من فقهاء الأمصار، وعليه المحققون، وهو الصحيح والمستحسن؛ لاتفاق الكل على أن حكم المرتد والكافر القتل لا القطع والنفي، وعلى أن الناقض للعهد ليس حكمه القطع.
[[تعريف المحارب: ]]
وعرف المصنف المحارب المفهوم منه الحرابة بقوله: المحارب قاطع طريق، وهو جنس يشمل المحارب وغيره.
ولما كان الطريق أعم بين أحد فرديه بقوله لمنع سلوك، سواء كان الممنوع خاصًا، كفلان الشامي أو المصري مثلًا، أو عامًا كلا أدع أحدًا يمر للشام أو لمكة مثلًا، وهو فصل مخرج لمن منع من بينه وبينه عداوة مثلًا، فلا يسمى محاربًا.
وأشار للفرد الثاني بقوله: أو قطعها لأجل أخذ مال مسلم، وكذمي أو معاهد؛ لعصمه مالهما، وهو أحرى بالنسبة لما قبله، على وجه يتعذر معه الغوث؛ ككونه بفلاة المار بها قليل، ومشهر السلاح لأخذ المال [محارب](١)، وإن انفرد بمدينة، ففي المدونة: من كابر رجلًا على ماله
(١) ما بين معكوفين مضروب عليه في "ن ٣"، وهو الصواب، فينبغي حذفه.