للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تذييل]

قال المُصنف كابن هارون (١): هذا الخلاف عندي لا يدخل أجساد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ لأن علوّ منصبهم يأبى ذلك، بل يجب الاتفاق على طهارة أجسامهم، وقد قيل بطهارة الخارج منه -صلى اللَّه عليه وسلم- مِن الحدث، فكيف بجسده المكرّم. . انتهى.


= قال في التنبيهات: والقول بطهارته هو الصحيح التي تقصده الآثار؛ لحرمة الآدمي وكرامته، وتفضيل اللَّه تعالى له، ولا أعلم أحدًا من المتقدمين ولا من المخالفين فرق بين المسلم وغيره، وذهب بعض أشياخنا إلى الفرق، وفي كلام ابن عبد السلام ترجيح القول بطهارته، وجزم به ابن العربي، ولم يحك فيه خلافًا، وصدر به صاحب الشامل، واستظهره أيضًا ابن الفرات؛ لتقبيله -صلى اللَّه عليه وسلم- عثمان بن مظعون، وقوله عليه الصلاة والسلام: "لا تنجسوا موتاكم؛ فإن المومن لا ينجس حيًا ولا ميتًا" ورواه الحاكم في مستدركه على الصحيحين، وفي كلام صاحب الطراز أيضًا ترجيحه، قال ح: وزاد ولم أر من شهر القول الذي صدر به المص، ولا من اقتصر عليه، بل أكثر أهل المذهب يحكيها من غير ترجيح، ومنهم من رجح الطهارة، وإن أخذ اللخمي النجاسة من المدونة، فقد أخذ عياض منها الطهارة.
ابن هارون: وهذا الخلاف لا يدخل عندي أجساد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فيجب الاتفاق على طهارتها، وقد قيل بطهارة الخارج منه صلى اللَّه عليه وسلم، فكيف بجسده.
وقال مق: كما اختار ابن رشد القول بطهارة ميتة الآدمي اختاره أيضًا اللخمي والمازري وعياض، ولا أرى ما وجه اقتصار المص على ذكر اختيار ابن رشد، وكان حق المص أن يفتي بالطهارة، كما اختاره الأشياخ، ولكنه -واللَّه أعلم- اعتمد على ما فهموا من أن التنجيس قول ابن القاسم في كتاب الرضاع، وهو وإن كان ظاهرًا فيما فهموا إلا أنه ليس بصريح، ومحتمل للتأويل، أو أنه نجاسة لبن الميتة لاستقذاره لا لنجاسة وعائه، وما استدل به ابن رشد من الأثر إنما ينهض دليلًا في ميتة المسلم، لقول المدخل الذي حكاه عياض، وهو الصحيح عنده، واللَّه أعلم. انتهى.
قلت: قد علم من كلام ح أن القول بالطهارة أخذه عياض من المدونة أيضًا، هذا ولا يخفى أن أخذ اللخمي القول بالنجاسة من المدونة لا ينافي اختياره القول بالطهارة".
(١) هو: إسماعيل بن هارون بن علي اللخمي إشبيلي أبو الوليد الرفاء، روى عن أبي بكر بن العربي، ويحيى بن موسى بن عبد اللَّه التوزالي، وأبي الحسن شريح، كان فقيهًا بصيرًا بالفتوى والنوزال، إمامًا مشاورًا، كثير الذكر للمسائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>