لا خلاف أن صريح الضمان بجعل ممنوع؛ لأن الشرع جعل الضمان والجاه والفرض لا يفعل إلا للَّه بغير عوض، فأخذ العوض عليه سحت.
ثم مثل مثالًا آخر لما يقل القصد إليه، فقال: أو أسلفني وأسلفك، أسلفك: منصوب بأن مضمرة بعد الواو، أي: ليجتمع سلف مني وسلف منك، والمشهور جوازه، كأن يبيعه ثوبًا بدينارين مثلًا لشهر، ثم يشتريه بدينار نقدًا، وأخر لشهرين، فالثوب قد رجع له ودفع الآن دينارًا سلفًا للمشتري، يأخذ منه عند رأس الشهر دينارين: أحدهما في مقابلة ديناره، والآخر سلفًا يدفع مقابله عند رأس الشهر الثاني، كما لو باع ثوبًا بعشرة لشهر ثم اشتراه.
ولما كان ما تقدم فاتحة لبيوع الآجال عقبه بقوله: فمن باع ثوبًا أو طعامًا أو حيوانًا لأجل، كشهر مثلًا، ولا تكون البيعة الأولى إلا لأجل، ثم اشتراه بجنس ثمنه، الذي باعه به من عين وطعام وعرض، الواو بمعنى أو، وتكلم على ذلك مرتبًا، وبدأ بما بيع بعين، واشترى بنظيرها، فإما إن تكون البيعة الثانية نقدًا أو للأجل الأول كشهر، أو أقل منه، كنصفه، أو أكثر منه كشهرين، وهذه أربعة أحوال بالنسبة للأجل، وكل من هذه الأربعة له ثلاث حالات؛ لأنه إما بمثل الثمن الأول، أو أقل منه، أو أكثر، فحصل اثنتا عشرة صورة، يمنع منها ثلاث، وهي:
[١] شراؤها بأقل نقدًا.
[٢] أو بأقل لدون الأجل.
[٣] وبأكثر من الثمن لأبعد من الأجل.
وهي ما عجز فيه الأقل.
وعلة منعها تهمة دفع قليل في كثير مؤجل، ويجوز باقيها صور بمثل الثمن، وهو أربع، وصور بأقل من الثمن للأجل وأبعد منه، وصور أكثر من الثمن، وهي ثلاثة نقدًا، وللأجل ولأقل منه.