(مسألة): فإن كان التمر جيدًا كله فالذي يقتضيه قوله في الموطأ واختاره سحنون أنه يأتي بالوسط ويجزئه ولا يؤخذ منه الجيد، وهذا على رواية ابن نافع وروى ابن القاسم عن مالك أنه يؤخذ من الجيد والقولان مبنيان على ما قدمناه. (مسألة): فإن كانت أنواع التمر كثيرة فعن مالك في ذلك روايتان روى عنه ابن القاسم يؤدي الزكاة من أوسطه وروى عنه أشهب يؤدي من كل صنف بقدره، فوجه قول ابن القاسم يحتمل أمرين؛ أحدهما: أن يكون هذا مبنيًا على رواية ابن نافع المتقدمة، والثاني: أن الأنواع إذا كثرت لحقت المشقة في إخراج الزكاة من كل جزء منها وشق حساب ذلك وتمييزه فكان الأعدل الرجوع إلى وسط ذلك ويلزم ابن القاسم أن يقول في الذهب والورق مثله، ووجه رواية أشهب أن هذا مال يخرج زكاته بالجزء منه ولا مضرة في قسمته فوجب أن يخرج زكاة كل جزء منه كما لو كان جزءًا واحدًا أو جزأين. (فرع): وهذا إذا كانت الأنواع متساوية فإن كان الواحد هو الأكثر وسائرها الأقل، فقال عيسى بن دينار تؤخذ الزكاة من الكثير ولا يلتفت إلى الأقل. (فصل) وقوله وهو يعد على رب المال ولا يؤخذ منه في الصدقة يبين أنه، وإن كان لا يقبل في الصدقة ويكلف صاحبه الوسط فإنه يحسب عليه وتؤخذ منه الزكاة، وصرح مالك بقياس ذلك على الغنم فقال، وإنما مثل ذلك مثل الغنم تعد على أصحابها بسخالها ولا تؤخذ في الصدقة فيحتمل أن يكون كلام مالك في هذه المسألة على تمر فيه الجيد والرديء والوسط فيؤدي الزكاة من وسطه ولا تؤخذ من الجيد ولا من الرديء، وإن كان يعد على أربابه إلا أنه إذا كان عنده جيد كله أو رديء كله أخذ منه ولا يكلف أن يأتي بالوسط من غيره ويحتمل أن يكون كلامه في الصدقة في التمر في الجملة لمن كان تمره على ما ذكرناه فيؤخذ منه، وإن كان تمره كله جيدًا ورديئًا فيأتي بالوسط ولا يؤخذ منه ما عنده من الجيد أو الرديء وهذا أظهر لما قاسه على الماشية ولذلك قال: ويكون في الأموال ثمار لا يؤخذ منها، وإنما يؤخذ من غيرها عنها البرني وهذا من أفضل أنواع التمر، ثم قال: ولا يؤخذ من رديئه كما لا يؤخذ من جيده، وإنما الصدقة من أوسط المال وقد ذكر في المجموعة عن مالك أنه قال: العجوة من وسط التمر فعلى هذا معنى هذه المسألة، واللَّه أعلم".