وقال الذهبي -وهو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال-: لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشأن قط على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة. انتهى. ولهذا كان مذهب النسائي. أن لا يترك حديث الرجل حتى يجمعوا على تركه. الخامسة: الصحيح أن الجرح والتعديل يثبتان بواحد لأن العدد لم يشترط في قبول الخبر. فلم يشترط في جرح راويه وتعديله لأن التزكية بمنزلة الحكم وهو أيضًا لا يشترط فيه العدد وقيل لا بد من اثنين كما في الشهادة. وقد تقدم الفرق قال شيخ الإسلام: ولو قيل يفصل بين ما إذا كانت التزكية مسندة من المزكى إلى اجتهاده أو إلى النقل عن غيره لكان متجهًا لأنه إن كان الأول فلا يشترط العدد أصلًا لأنه بمنزلة الحكم وإن كان الثاني فيجري فيه الخلاف ويتبين أيضًا أنه لا يشترط العدد لأن أصل النقل لا يشترط فيه فكذا ما تفرع منه. انتهى. وليس لهذا التفصيل الذي ذكره فائدة إلا نفي الخلاف في القسم الأول وشمل الواحد العبد والمرأة وسيذكره المصنف من زوائده". (١) قال السيوطي في تدريبه (١/ ٣٠٩، وما بعدها): "وإذا اجتمع فيه أي: الراوي جرح مفسر وتعديل فالجرح مقدم ولو زاد عدد المعدل هذا هو الأصح عند الفقهاء والأصوليين ونقله الخطيب عن جمهور العلماء لأن مع الجارح زيادة علم لم يطلع عليها المعدل ولأنه مصدق للمعدل فيما أخبر به عن ظاهر حاله إلا أنه يخبر عن أمر باطن خفي عنه وقيد الفقهاء ذلك بما إذا لم يقل المعدل عرفت السبب الذي ذكره الجارح ولكنه تاب وحسنت حاله فإنه حينئذٍ يقدم المعدل. قال البلقيني: ويأتي ذلك أيضًا هنا إلا في الكذب كما سيأتي وقيده ابن دقيق العيد بأن يبني على أمر مجزوم به لا بطريق اجتهادي كما اصطلح عليه أهل الحديث في الاعتماد في الجرح على اعتبار حديث الراوي بحديث غيره والنظر إلى كثرة الموافقة والمخالفة ورد بأن أهل الحديث لم يعتمدوا ذلك في معرفة الضبط والنقل، واستثنى أيضًا ما إذا عين سببًا فنفاه المعدل بطريق معتبر كأن قال: قتل غلامًا ظلمًا يوم كذا فقال المعدل رأيته حيًّا بعد ذلك أو كان القاتل في ذلك الوقت عندي فإنهما يتعارضان وتقييد الجرح بكونه مفسرًا جار على ما صححه المصنف وغيره كما صرح به ابن دقيق العيد وغيره. =