وقال: "المسألة الحادية والعشرون: إن هذا الإشراب المشار إليه هل يختص ببعض البدع دون بعض أم لا يختص؟ وذلك أنه يمكن أن بعض البدع من شأنها أن تشرب قلب صاحبها جدًا، ومنها ما لا يكون كذلك، فالبدعة الفلانية مثلًا من شأنها أن تتجارى بصاحبها كما يتجارى الكلب بصاحبه والبدعة الفلانية ليست كذلك، فبدعة الخوارج مثلًا في طرف الإشراب كبدعة المنكرين للقياس في الفروع الملتزمين الظاهر في الطرف الآخر، ويمكن أن يتجارى ذلك في كل بدعة على العموم فيكون من أهلها من تجارت به كما يتجارى الكلب بصاحبه، كعمرو بن عبيد، حسبما تقدم النقل عنه أنه أنكر بسبب القول به سورة: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ}، وقوله تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (١١)} ومنهم من لم يبلغ به الحال إلى هذا النحو كجملة من علماء المسلمين، كالفارسي النحوي وابن جني. والثاني: بدعة الظاهرية فإنها تجارت بقوم حتى قالوا عند ذكر قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} قاعد! قاعد! وأعلنوا بذلك وتقاتلوا عليه، ولم يبلغ بقوم آخرين ذلك المقدار، كداود بن علي في الفروع وأشباهه".