وإلى هذا، فإن منها ما يشكل وروده ويعظم خطب الخوض فيه، ولهذا لم يظهر من الشارع خروجهم عن الإسلام بسبب بدعهم. وأيضًا، فإنهم لما دخلوا في غمار المسلمين، وارتسموا في مراسم المجتهدين منهم بحسب ظاهر الحال، وكان الشارع في غالب الأمر قد أشار إلى عدم تعيينهم، ولم يتميزوا إلا بحسب الاجتهاد في بعضهم، ومدارك الاجتهاد تختلف، لم يمكن والحال هذه إلا حكاية أقوالهم، والاعتداد بتسطيرها والنظر فيها، واعتبارهم في الوفاق والخلاف ليستمر النظر فيه، وإلا أدى إلى عدم الضبط، ولهذا تقرير في كتاب الإجماع، فلما اجتمعت هذه الأمور، نقل خلافهم. وفي الحقيقة، فمن جهة ما اتفقوا فيه مع أهل الحق حصل التآلف، ومن جهة ما اختلفوا حصلت الفرقة، وإذا كان كذلك، فجهة الائتلاف لا خلاف فيها في الحقيقة لصحتها واتحاد حكمها، وجهة الاختلاف هم مخطئون فيها قطعًا، فصارت أقوالهم زلات لا اعتبار بها في الخلاف، فالاتفاق حاصل إذن على كل تقدير".