قال ابن شهاب: فتوفي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والأمر على ذلك ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدرًا من خلافة عمر بن الخطاب". قال ابن عبد في الاستذكار: (٢/ ٦٢): "ففي الحديث الأول: من الفقه الاجتماع في النافلة وأن النوافل إذا اجتمع في شيء منها على سنته لم يكن لها أذان ولا إقامة لأنه لم يذكر الأذان في ذلك، ولو كان لذكر ونقل. وأجمع العلماء أن لا أذان في شيء من السنن والنوافل وأن الأذان إنما هو للمكتوبات فأغنى عن الكلام في ذلك، وفيه أن قيام رمضان سنة من سنن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مندوب إليها مرغب فيها ولم يسن منها عمر إلا ما كان رسول اللَّه يحبه ويرضاه وما لم يمنعه من المواظبة عليه إلا أن يفرض على أمته وكان بالمؤمنين رؤوفًا رحيمًا -صلى اللَّه عليه وسلم-. فلما علم عمر ذلك من رسول اللَّه، وعلم أن الفرائض في وقته لا يزاد فيها ولا ينقص منها أقامها للناس، وأحياها، وأمر بها، وذلك سنة أربع عشرة من الهجرة صدر خلافته". (١) قال في الاستذكار (٢/ ٦٤) شرحًا للحديث السابق بالهامش الماضي: "وفيه من الفقه فضل قيام رمضان، وظاهره: يبيح فيه الجماعة والانفراد؛ لأنه لم يقل فيه من قام رمضان وحده ولا في جماعة". وقال (٢/ ٧٠): "واختلفوا في الأفضل من القيام مع الناس والانفراد في شهر رمضان فقال مالك والشافعي: صلاة المنفرد في بيته في رمضان أفضل. قال مالك: وكان ربيعة وغير واحد من علمائنا ينصرفون ولا يقومون مع الناس. قال مالك: وأنا أفعل ذلك وما قام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا في بيته. واحتج الشافعي بحديث زيد بن ثابت أن النبي عليه السلام قال في قيام رمضان: "أيها الناس صلوا في بيوتكم فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة". قال الشافعي ولا سيما مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في مسجده على ما في ذلك من الفضل. وقد ذكرنا حديث زيد بن ثابت بإسناده هذا في التمهيد، وروينا عن ابن عمر وسالم والقاسم وإبراهيم ونافع أنهم كانوا ينصرفون ولا يقومون مع الناس. وجاء عن عمر وعلي أنهما كانا يأمران من يقوم للناس في المسجد ولم يجئ عنهما أنهما كانا يقومان معهم".