الأول: اعلم أن هذه الكلية التي ذكرها المؤلف عكسها قول التهذيب: كل ما جاز فيه الجعل جازت فيه الإجارة، وليس كل ما جازت فيه الإجارة جاز فيه الجعل انتهى، أي: فالإجازة أعم.
الثاني: قولُ الشارح بعد ما قرر كلام المؤلف بما قدمناه عنه: (وقاله في المدونة) سبقُ قلم.
وجاز الجعل على شراء شيء أو بيعه إن لم يكن في الكثير، بل ولو في الكثير على الصحيح، خلافًا لعبد الوهاب في منعه الكثير.
ثم استثني من جواز البيع قوله: إلا كبيع سلع كثيرة، فلا يجوز الجعل عليها إذا كان لا يأخذ شيئًا إلا بالجميع، ومفهومه: لو كان على ما باعه يأخذ بحسابه جاز، وهو كذلك، ويحتمل عوده للبيع والشراء، ويعضده ما في بعض النسخ: كبيع، بالكاف.
قال ابن المواز: يجوز عند مالك وأصحابه الجعل على الشيء فيما قل وكثر، في الحضر والسفر، لا بأس أن يجعل له على مائة ثوب يشتريها دينارًا، إذا كان على أن ما اشتري له لزمه، وأما إن كان على أن ما اشتراه هو فيه بالخيار فلا خير فيه، ومنع لجعل على بيع ما كثر ففرق، فقال ابن المواز وعياض وجماعة من القرويين وغيرهم: البيع والشراء سواء، فحملوا المنع في البيع على أن العرف فيه لا يأخذ شيئًا إلا ببيع الجميع، فيمنع بخلاف الشراء.
ولو كان على أنه إذا باع شيئًا كان له بحسابه جاز، وألوا الإطلاق في الشراء على أن العرف جار بأنه اشترى شيئًا أخذ بحسابه، ولو كان لا يأخذ شيئًا إلا بعد شراء الجميع لمنع، فصار البيع والشراء سواء في المنع والجواز.