وصحة الملك بأن تشهد البينة بما تقدم، لا بالاشتراء: مخرج من قوله: (وصحة الملك) وما معه، ومعناه ما قال سحنون: من رأى رجلًا اشترى سلعة من السوق، فلا يشهد أنها ملكه، ولو أقام شخص بينة أنها ملكه، وآخر بينة أنه اشتراها من السوق فهي لصاحب الملك، وقد يبيعها من لا يملكها.
وأما قول الشارح:(مثل أن تشهد أن أحد الخصمين اشتراها من الآخر، فإنها تستصحب، ولا يقبل قول المشهود عليه: إنها عادت إليه) فمتعقب، انظره في الكبير.
وإن شهد عليه بإقرار بالأمس أنها ملك لزيد استصحب حكم إقراره، وكفت الشهادة، وإن لم يزد الشهود، ولا نعلم خروجها عن ملكه إلى الآن؛ إذ في شهادتهم عليه بالإقرار إسقاط لحقه بخصومه، فعليه بيان صحة ملكه بعد بشراء من المشهود عليه، أو بغير ذلك من أسباب الملك.
[[إسقاط البينتين عند تعذر الترجيح: ]]
وإن تعذر ترجيح لأحد البينتين عند تساويهما بكل وجه، وكان المتنازع فيه بيد غيرهما سقطتا (١)، وبقي المدعى فيه بيد حائزه.
(١) قد حاول بعض من ينتمي إلى بعض الجماعات الفكرية المنحرفة أن يستفيد من نحو هذه القضية للتبرير زيف وزيغ بعض العناصر المؤسسة عليها جماعته، والجماعات المنبثقة منها، من أن لكل وجهة نظر يرى أنها الأصوب والأصلح، وإذا كان كذلك فلا ينكر أحد على أحد، وليعمل كل بما تراءى له؛ لأن ما يراه أحد ما خطأ في منهاج عملي، ويصحح ما هو عليه، أراه خطأ، فأصحح ما أنا عليه، وأبين خطأ ما هو عليه، وإذا كان كذلك فلا داعي من الدخول في مناظرات ومحاورات لا تثمر عملًا، وهذا المبدأ الخطير قد اتبعه بعض من تقدم من الفرق أهل الإسلام، وتصدى له ابن حزم في إحكامه وفصله، فقال في الفصل (٥/ ٨٠، وما بعدها): "قال أبو محمد: أما احتجاجهم بأن قالوا وجدنا أهل الديانات والآراء والمقالات كل طائفة تناظر الأخرى فتنتصف منها وربما غلبت هذه في مجلس ثم غلبتها الأخرى في مجلس آخر على حسب قوة المناظر وقدرته على البيان والتحيل والشغب فهم في ذلك =