ولما كان القائم بالدم إما رجال فقط، أو نساء فقط، أو هما معًا، تكلم على الثلاثة على هذا الترتيب.
وأشار للأول منها بقوله: وسقط لقصاص إن عفا رجل من مستحقيه كالباقي، أو مساو له في درجته، كانوا بنين فقط، أو بنيهم فقط، أو أخوة، أو غيرهم كـ: الأعمام والموالي.
وجوز البساطي في قوله:(كالباقي) احتمالين آخرين، انظرهما.
وأشار للقسم الثاني وهو ما إذا كن نساء فقط بقوله: والبنت إن اجتمعت مع أخت أولى من الأخت في عفو عن القتل وضده، وهو القتل، ولا يلزم من مساواتهما في الميراث تساويهما في العفو وضده عند ابن القاسم.
وقال أشهب: لا عفو إلا باجتماعهن.
وإن عفت بنت من بنات وطلب باقيهن القتل نظر الحاكم فيه باجتهاده، فإن رأى العفو مصلحة أجاب من دعا له، أو القتل مصلحة أجاب من دعا له؛ لأنه بمنزلة العصبة لإرثه لبيت المال ما بقي.
وأشار للقسم الثالث بقوله: وفي اجتماع رجال ونساء لم يسقط إلا بهما على العفو، أو ببعضهما -أي: ببعض كل صنف منهما- وأحرى إذا اجتمع جمع من صنف مع بعض آخر.
وفهم من الحصر أنه لو عفى أحد الصنفين، وأراد الصنف الآخر القتل، لم يتم العفو، وكان القول لمريد القتل.
ومهما أسقط البعض القود فلمن بقي غيره من الورثة نصيبه من دية عمد؛ لأنها مال الجاني، كإرثه قصاص نفسه، فيسقط عنه القصاص؛ إذ لا يباح له قتل نفسه، كقاتل أبيه وله أخ واحد، ومات أخوه عنه فقط، فورث القاتل دم نفسه، فإرثه كالعفو عنه، ويسقط القصاص أيضًا ولو ورث قسطًا من نفسه؛ ففي المدونة: من قتل رجلًا عمدًا فلم يقتل حتى مات أحد ورثة